صفحة جزء
3318 حدثنا علي بن عياش حدثنا حريز قال حدثني عبد الواحد بن عبد الله النصري قال سمعت واثلة بن الأسقع يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه أو يري عينه ما لم تر أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل
الحديث الثاني . قوله : ( حدثنا علي بن عياش ) بتحتانية ومعجمة .

قوله : ( حدثنا حريز ) هو بفتح المهملة وكسر الراء وآخره زاي وهو ابن عثمان الحمصي من صغار التابعين ، وهذا الإسناد من عوالي البخاري ، وشيخه عبد الواحد بن عبد الله النصري بالنون المفتوحة بعدها صاد مهملة وهو دمشقي ، واسم جده كعب بن عمير ، ويقال بسر بن كعب ، وهو من بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ، وهو من صغار التابعين ، ففي الإسناد رواية القرين عن القرين ، وقد ولي إمرة الطائف لعمر بن عبد العزيز ، ثم ولي إمرة المدينة ليزيد بن عبد الملك ، وكان محمود السيرة ومات سنة بضع ومائة ، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد . وقد رواه عنه أيضا زيد بن أسلم وهو أكبر منه سنا ولقاء للمشايخ . لكنه أدخل بين عبد الواحد وواثلة عبد الوهاب بن بخت رأيته في مستخرج ابن عبدان على الصحيحين من رواية هشام بن سعد عن زيد وهشام فيه مقال ، وهذا عندي من المزيد في متصل الأسانيد ، أو هو مقلوب كأنه عن زيد بن أسلم عن عبد الوهاب بن بخت عن عبد الواحد ، والله أعلم .

قوله : ( إن من أعظم الفرا ) بكسر الفاء مقصور وممدود وهو جمع فرية والفرية الكذب والبهت تقول فرى بفتح الراء فلان كذا إذا اختلق يفري بفتح أوله وافترى اختلق .

قوله : ( أو يري ) بضم التحتانية أوله وكسر الراء أي يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا ما رأتاه ، ولأحمد وابن حبان والحاكم من وجه آخر عن واثلة أن يفتري الرجل على عينيه فيقول رأيت ولم ير في المنام شيئا .

[ ص: 626 ] قوله : ( أو يقول ) بفتح التحتانية أوله وضم القاف وسكون الواو ، وفي رواية المستملي بفتح المثناة والقاف وتثقيل الواو المفتوحة . وفي الحديث تشديد الكذب في هذه الأمور الثلاثة وهي الخبر عن الشيء أنه رآه في المنام ولم يكن رآه ، والادعاء إلى غير الأب ، والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم فأما هذا الأخير فتقدم البحث فيه في كتاب العلم ، وأما ما يتعلق بالمنام فيأتي في التعبير ، وأما الادعاء فتقدم قريبا فيما قبله ، وتقدم بيان الحكمة في التشديد فيه ، والحكمة في التشديد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم واضح فإنه إنما يخبر عن الله فمن كذب عليه كذب على الله عز وجل ، وقد اشتد النكير على من كذب على الله تعالى في قوله تعالى : فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته فسوى بين من كذب عليه وبين الكافر ، وقال : ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة والآيات في ذلك متعددة ، وقد تمسك بعض أهل الجهل بقوله تعالى : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم وجاء في بعض طرق الحديث من كذب علي وأما المنام فإنه لما كان جزءا من الوحي كان المخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن الله بما لم يلقه إليه ، أو لأن الله يرسل ملك الرؤيا فيري النائم ما شاء ، فإذا أخبر عن ذلك بالكذب يكون كاذبا على الله وعلى الملك ، كما أن الذي يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ينسب إليه شرعا لم يقله ، والشرع غالبا إنما تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم على لسان الملك فيكون الكاذب في ذلك كاذبا على الله وعلى الملك .

التالي السابق


الخدمات العلمية