صفحة جزء
باب من أحب أن لا يسب نسبه

3338 حدثني عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذن حسان النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين قال كيف بنسبي فقال حسان لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين وعن أبيه قال ذهبت أسب حسان عند عائشة فقالت لا تسبه فإنه كان ينافح عن النبي صلى الله عليه وسلم
قوله : ( باب من أحب أن لا يسب نسبه ) هو بضم أول يسب والمراد بالنسب الأصل وبالسب الشتم ، والمراد أن لا يشتم أهل نسبه .

[ ص: 640 ] قوله : ( حدثنا عبدة ) هو ابن سليمان ، وهشام هو ابن عروة .

قوله : ( استأذن حسان بن ثابت ) أي ابن المنذر بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي ، وسبب هذا الاستئذان مبين عند مسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اهجوا المشركين فإنه أشد عليهم من رشق النبل ، فأرسل إلى ابن رواحة فقال : اهجهم ، فهجاهم فلم يرض ، فأرسل إلى كعب بن مالك ، ثم أرسل إلى حسان فقال : قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه . ثم أدلع لسانه فجعل يحركه ثم قال : والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم ، قال لا تعجل وروى أحمد من حديث كعب بن مالك قال : " قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : اهجوا المشركين بالشعر ، فإن المؤمن يجاهد بنفسه وماله ، والذي نفس محمد بيده كأنما تنضحونهم بالنبل وروى أحمد والبزار من حديث عمار بن ياسر قال : لما هجانا المشركون قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا لهم كما يقولون لكم .

قوله : ( كيف بنسبي فيهم ) أي كيف تهجو قريشا مع اجتماعي معهم في نسب واحد ؟ وفي هذا إشارة إلى أن معظم طرق الهجو الغض بالآباء .

قوله : ( لأسلنك منهم ) أي لأخلصن نسبك من نسبهم بحيث يختص الهجو بهم دونك ، وفي رواية أبي سلمة المذكور " فقال : ائت أبا بكر فإنه أعلم قريش بأنسابها حتى يخلص لك نسبي " فأتاه حسان ، ثم رجع فقال : قد محض لي نسبك .

قوله : ( كما تسل الشعرة من العجين ) أشار بذلك إلى أن الشعرة إذا أخرجت من العجين لا يتعلق بها منه شيء لنعومتها ، بخلاف ما إذا سلت من العسل مثلا فإنها قد يعلق بها منه شيء ، وأما إذا سلت من الخبز فإنها قد تنقطع قبل أن تخلص .

قوله : ( وعن أبيه ) هو موصول بالإسناد المذكور إلى عروة وليس بمعلق ، وقد أخرجه المصنف في الأدب عن محمد بن سلام عن عبدة بهذا الإسناد فقال فيه : " وعن هشام عن أبيه " فذكر الزيادة ، وكذلك أخرجه في " الأدب المفرد "

قوله : ( كان ينافح ) بكسر الفاء بعدها مهملة ومعناها يدافع أو يرامي ، قال الكشميهني في رواية أبي ذر عنه . نفحت الدابة إذا رمحت بحوافرها ، ونفحه بالسيف إذا تناوله من بعيد ، وأصل النفح بالمهملة الضرب ، وقيل للعطاء نفح كأن المعطي يضرب السائل به ، ووقع في رواية أبي سلمة المذكورة " قالت عائشة فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لحسان : إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله قالت وسمعته يقول : هجاهم حسان فشفى وأشفى وقد تقدم في أوائل الصلاة ما يدل على أن المراد بروح القدس جبريل عليه السلام ، ويأتي الكلام على الشعر وأحكامه في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية