صفحة جزء
باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء وقال الحسن يجزئه التيمم ما لم يحدث وأم ابن عباس وهو متيمم وقال يحيى بن سعيد لا بأس بالصلاة على السبخة والتيمم بها

337 حدثنا مسدد قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنا عوف قال حدثنا أبو رجاء عن عمران قال كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وإنا أسرينا حتى كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها فما أيقظنا إلا حر الشمس وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء فنسي عوف ثم عمر بن الخطاب الرابع وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس وكان رجلا جليدا فكبر ورفع صوته بالتكبير فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم قال لا ضير أو لا يضير ارتحلوا فارتحل فسار غير بعيد ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ ونودي بالصلاة فصلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم قال ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم قال أصابتني جنابة ولا ماء قال عليك بالصعيد فإنه يكفيك ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانا كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف ودعا عليا فقال اذهبا فابتغيا الماء فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها فقالا لها أين الماء قالت عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوفا قالا لها انطلقي إذا قالت إلى أين قالا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الذي يقال له الصابئ قالا هو الذي تعنين فانطلقي فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث قال فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو سطيحتين وأوكأ أفواههما وأطلق العزالي ونودي في الناس اسقوا واستقوا فسقى من شاء واستقى من شاء وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال اذهب فأفرغه عليك وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم اجمعوا لها فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها قال لها تعلمين ما رزئنا من مائك شيئا ولكن الله هو الذي أسقانا فأتت أهلها وقد احتبست عنهم قالوا ما حبسك يا فلانة قالت العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ ففعل كذا وكذا فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقا فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه فقالت يوما لقومها ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدا فهل لكم في الإسلام فأطاعوها فدخلوا في الإسلام قال أبو عبد الله صبأ خرج من دين إلى غيره وقال أبو العالية الصابئين فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور
[ ص: 532 ] قوله : ( باب ) بالتنوين ( الصعيد الطيب وضوء المسلم ) هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه البزار من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا وصححه ابن القطان ، لكن قال الدارقطني : إن الصواب إرساله . وروى أحمد وأصحاب السنن من طريق أبي قلابة عن عمرو بن بجدان - وهو بضم الموحدة وسكون الجيم - أبي ذر نحوه ، ولفظه إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني .

قوله : ( وقال الحسن ) وصله عبد الرزاق ولفظه " يجزئ تيمم واحد ما لم يحدث " وابن أبي شيبة ولفظه لا ينقض التيمم إلا الحدث وسعيد بن منصور ولفظه " التيمم بمنزلة الوضوء ، إذا تيممت فأنت على وضوء حتى تحدث " وهو أصرح في مقصود الباب . وكذلك ما أخرجه حماد بن سلمة في مصنفه عن يونس بن عبيد عن الحسن قال " تصلي الصلوات كلها بتيمم واحد مثل الوضوء ما لم تحدث " .

قوله : ( وأم ابن عباس وهو متيمم ) وصله ابن أبي شيبة والبيهقي وغيرهما وإسناده صحيح ، وسيأتي في " باب إذا خاف الجنب " لعمرو بن العاص مثله ، وأشار المصنف بذلك إلى أن التيمم يقوم مقام الوضوء ولو كانت الطهارة به ضعيفة لما أم ابن عباس وهو متيمم من كان متوضئا . وهذه المسألة وافق فيها البخاري الكوفيين والجمهور ، وذهب بعضهم - من التابعين وغيرهم - إلى خلاف ذلك ، وحجتهم أن التيمم طهارة ضرورية لاستباحة الصلاة قبل خروج الوقت ، ولذلك أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أجنب فلم يصل الإناء من الماء ليغتسل به بعد أن قال له عليك بالصعيد فإنه يكفيك ; لأنه وجد الماء فبطل تيممه .

وفي الاستدلال بهذا على عدم جواز أكثر من فريضة بتيمم واحد نظر ، وقد أبيح عند الأكثر بالتيمم الواحد النوافل مع الفريضة ، إلا أن مالكا رحمه الله يشترط تقدم الفريضة . وشذ شريح القاضي فقال : لا يصلى بالتيمم الواحد أكثر من صلاة واحدة فرضا كانت أو نفلا . قال ابن المنذر : إذا صحت النوافل بالتيمم الواحد صحت الفرائض ; لأن جميع ما يشترط للفرائض مشترط للنوافل إلا بدليل . انتهى .

وقد اعترف البيهقي بأنه ليس في المسألة حديث صحيح من الطرفين . قال : لكن صح عن ابن عمر إيجاب التيمم لكل فريضة ، ولا يعلم له مخالف من الصحابة . وتعقب بما رواه ابن المنذر عن ابن عباس أنه لا يجب ، واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب " فإنه يكفيك " أي ما لم تحدث أو تجد الماء ، وحمله الجمهور على الفريضة التي تيمم من أجلها ويصلي به ما شاء من النوافل ، فإذا حضرت فريضة أخرى وجب طلب الماء ، فإن لم يجد تيمم . والله أعلم .

قوله : ( وقال يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري . " والسبخة " بمهملة وموحدة ثم معجمة مفتوحات هي الأرض المالحة التي لا تكاد تنبت ، وإذا وصفت الأرض قلت هي أرض سبخة بكسر الموحدة . وهذا الأثر يتعلق بقوله في الترجمة " الصعيد الطيب " أي أن المراد بالطيب الطاهر ، وأما الصعيد فقد تقدم نقل الخلاف فيه وأن الأظهر اشتراط التراب ، ويدل عليه قوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه فإن الظاهر أنها للتبعيض ، قال ابن بطال : فإن قيل لا يقال مسح منه إلا إذا أخذ منه جزءا ، وهذه صفة التراب لا صفة الصخر مثلا الذي لا يعلق باليد منه شيء ، قال : فالجواب أنه يجوز أن يكون قوله " منه " صلة . وتعقب بأنه تعسف . قال صاحب الكشاف : فإن قلت لا يفهم أحد من العرب من قول القائل [ ص: 533 ] مسحت برأسي من الدهن أو غيره إلا معنى التبعيض . قلت : هو كما تقول ، والإذعان للحق خير من المراء . انتهى . واحتج ابن خزيمة لجواز التيمم بالسبخة بحديث عائشة في شأن الهجرة أنه قال - صلى الله عليه وسلم - أريت دار هجرتكم سبخة ذات نخل يعني المدينة قال : وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة طيبة فدل على أن السبخة داخلة في الطيب ، ولم يخالف في ذلك إلا إسحاق بن راهويه .

[ ص: 534 ] قوله : ( حدثنا مسدد ) زاد أبو ذر " ابن مسرهد " ، ويحيى بن سعيد هو القطان ، وعوف بالفاء هو الأعرابي وأبو رجاء هو العطاردي وعمران هو ابن حصين كلهم بصريون .

قوله : ( كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم ) اختلف في تعيين هذا السفر : ففي مسلم من حديث أبي هريرة أنه وقع عند رجوعهم من خيبر قريب من هذه القصة ، وفي أبي داود من حديث ابن مسعود " أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية ليلا فنزل فقال من يكلؤنا ؟ فقال بلال أنا " الحديث . وفي الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا " عرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة بطريق مكة ، ووكل بلالا " ، وفي مصنف عبد الرزاق عن عطاء بن يسار مرسلا أن ذلك كان بطريق تبوك ، وللبيهقي في الدلائل نحوه من حديث عقبة بن عامر ، وروى مسلم من حديث أبي قتادة مطولا والبخاري مختصرا في الصلاة قصة نومهم عن صلاة الصبح أيضا في السفر لكن لم يعينه ، ووقع في رواية لأبي داود أن ذلك كان في غزوة جيش الأمراء ، وتعقبه ابن عبد البر بأن غزوة جيش الأمراء هي غزوة مؤتة ولم يشهدها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو كما قال ، لكن يحتمل أن يكون المراد بغزوة جيش الأمراء غزوة أخرى غير غزوة مؤتة .

وقد اختلف العلماء هل كان ذلك مرة أو أكثر ، أعني نومهم عن صلاة الصبح ، فجزم الأصيلي بأن القصة واحدة ، وتعقبه القاضي عياض بأن قصة أبي قتادة مغايرة لقصة عمران بن حصين ، وهو كما قال ، فأن قصة أبي قتادة فيها أن أبا بكر وعمر لم يكونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام ، وقصة عمران فيها أنهما كانا معه كما سنبينه ، وأيضا فقصة عمران فيها أن أول من استيقظ أبو بكر ولم يستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أيقظه عمر بالتكبير ، وقصة أبي قتادة فيها أن أول من استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات ، ومع ذلك فالجمع بينهما ممكن لا سيما ما وقع عند مسلم وغيره أن عبد الله بن رباح راوي الحديث عن أبي [ ص: 535 ] قتادة ذكر أن عمران بن حصين سمعه وهو يحدث بالحديث بطوله فقال له : انظر كيف تحدث ، فإني كنت شاهدا القصة . قال فما أنكر عليه من الحديث شيئا . فهذا يدل على اتحادها . لكن لمدعي التعدد أن يقول : يحتمل أن يكون عمران حضر القصتين فحدث بإحداهما وصدق عبد الله بن رباح لما حدث عن أبي قتادة بالأخرى . والله أعلم .

ومما يدل على تعدد القصة اختلاف مواطنها كما قدمناه ، وحاول ابن عبد البر الجمع بينهما بأن زمان رجوعهم من خيبر قريب من زمان رجوعهم من الحديبية ، وأن اسم طريق مكة يصدق عليهما . ولا يخفى ما فيه من التكلف ، ورواية عبد الرزاق بتعيين غزوة تبوك ترد عليه . وروى الطبراني من حديث عمرو بن أمية شبيها بقصة عمران ، وفيه أن الذي كلأ لهم الفجر ذو مخبر ، وهو بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة ، وأخرجه من طريق ذي مخبر أيضا وأصله عند أبي داود ، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم أن بلالا هو الذي كلأ لهم الفجر ، وذكر فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولهم استيقاظا كما في قصة أبي قتادة . ولابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود أنه كلأ لهم الفجر ، وهذا أيضا يدل على تعدد القصة . والله أعلم .

قوله : ( أسرينا ) قال الجوهري : تقول سريت وأسريت بمعنى إذا سرت ليلا ، وقال صاحب المحكم السرى سير عامة الليل وقيل سير الليل كله . وهذا الحديث يخالف القول الثاني .

قوله : ( وقعنا وقعة ) في رواية أبي قتادة عند المصنف ذكر سبب نزولهم في تلك الساعة وهو سؤال بعض القوم في ذلك ، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال أخاف أن تناموا عن الصلاة ، فقال بلال أنا أوقظهم

قوله : ( فكان أول من استيقظ فلان ) بنصب أول ; لأنه خبر كان . وقوله " الرابع " هو في روايتنا بالرفع ، ويجوز نصبه على خبر كان أيضا ، وقد بين عوف أنه نسي تسمية الثلاثة مع أن شيخه كان يسميهم ، وقد شاركه في روايته عنده سلم بن زرير فسمى أول من استيقظ ، أخرجه المصنف في علامات النبوة من طريقه ولفظه " فكان أول من استيقظ أبو بكر " . ويشبه والله أعلم أن يكون الثاني عمران راوي القصة ; لأن ظاهر سياقه أنه شاهد ذلك ولا يمكنه مشاهدته إلا بعد استيقاظه ، ويشبه أن يكون الثالث من شارك عمران في رواية هذه القصة المعينة ، ففي الطبراني من رواية عمرو بن أمية " قال ذو مخبر : فما أيقظني إلا حر الشمس ، فجئت أدنى القوم فأيقظته ، وأيقظ الناس بعضهم بعضا حتى استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - " .

قوله : ( لأنا لا ندري ما يحدث له ) بضم الدال بعدها مثلثة أي من الوحي ، كانوا يخافون من إيقاظه قطع الوحي فلا يوقظونه لاحتمال ذلك . قال ابن بطال : يؤخذ منه التمسك بالأمر الأعم احتياطا .

قوله : ( وكان رجلا جليدا ) هو من الجلادة بمعنى الصلابة ، وزاد مسلم هنا " أجوف " أي رفيع الصوت ، يخرج صوته من جوفه بقوة . وفي استعماله التكبير سلوك طريق الأدب والجمع بين المصلحتين ، وخص التكبير ; لأنه أصل الدعاء إلى الصلاة .

قوله : ( الذي أصابهم ) أي من نومهم عن صلاة الصبح حتى خرج وقتها .

قوله : ( لا ضير ) أي لا ضرر ، وقوله " أو لا يضير " شك من عوف صرح بذلك البيهقي في روايته ، [ ص: 536 ] ولأبي نعيم في المستخرج " لا يسوء ولا يضير " وفيه تأنيس لقلوب الصحابة لما عرض لهم من الأسف على فوات الصلاة في وقتها بأنهم لا حرج عليهم إذ لم يتعمدوا ذلك .

قوله : ( ارتحلوا ) بصيغة الأمر ، استدل به على جواز تأخير الفائتة عن وقت ذكرها إذا لم يكن عن تغافل أو استهانة ، وقد بين مسلم من رواية أبي حازم عن أبي هريرة السبب في الأمر بالارتحال من ذلك الموضع الذي ناموا فيه ولفظه فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ولأبي داود من حديث ابن مسعود تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة وفيه رد على من زعم أن العلة فيه كون ذلك كان وقت الكراهة ، بل في حديث الباب أنهم لم يستيقظوا حتى وجدوا حر الشمس ، ولمسلم من حديث أبي هريرة حتى ضربتهم الشمس وذلك لا يكون إلا بعد أن يذهب وقت الكراهة ، وقد قيل إنما أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة لاشتغالهم بأحوالها ، وقيل تحرزا من العدو ، وقيل انتظارا لما ينزل عليه من الوحي ، وقيل لأن المحل محل غفلة كما تقدم عند أبي داود ، وقيل ليستيقظ من كان نائما وينشط من كان كسلانا .

وروي عن ابن وهب وغيره أن تأخير قضاء الفائتة منسوخ بقوله تعالى وأقم الصلاة لذكري وفيه نظر ; لأن الآية مكية والحديث مدني فكيف ينسخ المتقدم المتأخر ؟ وقد تكلم العلماء في الجمع بين حديث النوم هذا وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - إن عيني تنامان ولا ينام قلبي قال النووي : له جوابان ، أحدهما أن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما ، ولا يدرك ما يتعلق بالعين ; لأنها نائمة والقلب يقظان . والثاني أنه كان له حالان : حال كان قلبه فيه لا ينام وهو الأغلب ، وحال ينام فيه قلبه وهو نادر ، فصادف هذا أي قصة النوم عن الصلاة . قال : والصحيح المعتمد هو الأول والثاني ضعيف . وهو كما قال . ولا يقال القلب وإن كان لا يدرك ما يتعلق بالعين من رؤية الفجر مثلا لكنه يدرك إذا كان يقظانا مرور الوقت الطويل ، فإن من ابتداء طلوع الفجر إلى أن حميت الشمس مدة طويلة لا تخفى على من لم يكن مستغرقا ; لأنا نقول : يحتمل أن يقال كان قلبه - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك مستغرقا بالوحي ، ولا يلزم مع ذلك وصفه بالنوم ، كما كان يستغرق - صلى الله عليه وسلم - حالة إلقاء الوحي في اليقظة ، وتكون الحكمة في ذلك بيان التشريع بالفعل ; لأنه أوقع في النفس كما في قضية سهوه في الصلاة .

وقريب من هذا جواب ابن المنير : أن القلب قد يحصل له السهو في اليقظة لمصلحة التشريع ، ففي النوم بطريق الأولى ، أو على السواء . وقد أجيب على أصل الإشكال بأجوبة أخرى ضعيفة ، منها أن معنى قوله لا ينام قلبي أي لا يخفى عليه حالة انتقاض وضوئه ، ومنها أن معناه لا يستغرق بالنوم حتى يوجد منه الحدث ، وهذا قريب من الذي قبله . قال ابن دقيق العيد : كأن قائل هذا أراد تخصيص يقظة القلب بإدراك حالة الانتقاض ، وذلك بعيد ، وذلك أن قوله - صلى الله عليه وسلم - إن عيني تنامان ولا ينام قلبي خرج جوابا عن قول عائشة : أتنام قبل أن توتر ؟ وهذا كلام لا تعلق له بانتقاض الطهارة الذي تكلموا فيه ، وإنما هو جواب يتعلق بأمر الوتر فتحمل يقظته على تعلق القلب باليقظة للوتر ، وفرق بين من شرع في النوم مطمئن القلب به وبين من شرع فيه متعلقا باليقظة . قال : فعلى هذا فلا تعارض ولا إشكال في حديث النوم حتى طلعت الشمس ; لأنه يحمل على أنه اطمأن في نومه لما أوجبه تعب السير معتمدا على من وكله بكلاءة الفجر . ا هـ ، والله أعلم .

ومحصله تخصيص اليقظة المفهومة من قوله " ولا ينام قلبي " بإدراكه وقت الوتر إدراكا معنويا لتعلقه به ، وأن نومه في حديث الباب كان نوما مستغرقا ، ويؤيده [ ص: 537 ] قول بلال له " أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك " كما في حديث أبي هريرة عند مسلم ولم ينكر عليه ، ومعلوم أن نوم بلال كان مستغرقا . وقد اعترض عليه بأن ما قاله يقتضي اعتبار خصوص السبب ، وأجاب بأنه يعتبر إذا قامت عليه قرينة وأرشد إليه السياق ، وهو هنا كذلك .

ومن الأجوبة الضعيفة أيضا قول من قال : كان قلبه يقظانا وعلم بخروج الوقت لكن ترك إعلامهم بذلك عمدا لمصلحة التشريع . وقول من قال : المراد بنفي النوم عن قلبه أنه لا يطرأ عليه أضغاث أحلام كما يطرأ على غيره ، بل كل ما يراه في نومه حق ووحي . فهذه عدة أجوبة أقربها إلى الصواب الأول على الوجه الذي قررناه ، والله المستعان .

( فائدة ) : قال القرطبي : أخذ بهذا بعض العلماء فقال : من انتبه من نوم عن صلاة فاتته في سفر فليتحول عن موضعه ، وإن كان واديا فيخرج عنه . وقيل إنما يلزم في ذلك الوادي بعينه ، وقيل : هو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنه لا يعلم من حال ذلك الوادي ولا غيره ذلك إلا هو . وقال غيره : يؤخذ منه أن من حصلت له غفلة في مكان عن عبادة استحب له التحول منه ، ومنه أمر الناعس في سماع الخطبة يوم الجمعة بالتحول من مكانه إلى مكان آخر .

قوله : ( فسار غير بعيد ) يدل على أن الارتحال المذكور وقع على خلاف سيرهم المعتاد .

قوله : ( ونودي بالصلاة ) استدل به على الأذان للفوائت ، وتعقب بأن النداء أعم من الأذان فيحتمل أن يراد به هنا الإقامة . وأجيب بأن في رواية مسلم من حديث أبي قتادة التصريح بالتأذين ، وكذا هو عند المصنف في أواخر المواقيت . وترجم له خاصة بذلك كما سيأتي .

قوله : ( فصلى بالناس ) فيه مشروعية الجماعة في الفوائت .

قوله : ( إذا هو برجل ) لم أقف على تسميته ، ووقع في شرح العمدة للشيخ سراج الدين بن الملقن ما نصه : هذا الرجل هو خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري أخو رفاعة ، شهد بدرا ، قال ابن الكلبي : وقتل يومئذ ، وقال غيره : له رواية . وهذا يدل على أنه عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - . قلت : أما على قول ابن الكلبي فيستحيل أن يكون هو صاحب هذه القصة لتقدم وقعة بدر على هذه القصة بمدة طويلة بلا خلاف ، فكيف يحضر هذه القصة بعد قتله ؟ وأما على قول غير ابن الكلبي فيحتمل أن يكون هو ، لكن لا يلزم من كونه له رواية أن يكون عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لاحتمال أن تكون الرواية عنه منقطعة ، أو متصلة لكن نقلها عنه صحابي آخر ونحوه .

وعلى هذا فلا منافاة بين هذا وبين من قال إنه قتل ببدر إلا أن تجيء رواية عن تابعي غير مخضرم وصرح فيها بسماعه منه فحينئذ يلزم أن يكون عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكن لا يلزم أن يكون هو صاحب هذه القصة ، إلا إن وردت رواية مخصوصة بذلك ، ولم أقف عليها إلى الآن .

قوله : ( أصابتني جنابة ولا ماء ) بفتح الهمزة ، أي معي أو موجود ، وهو أبلغ في إقامة عذره . وفي هذه القصة مشروعية تيمم الجنب ، وسيأتي القول فيه في الباب الذي بعده . وفيها جواز الاجتهاد بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأن سياق القصة يدل على أن التيمم كان معلوما عندهم ، لكنه صريح في الآية عن الحدث الأصغر ، بناء على أن المراد بالملامسة ما دون الجماع ، وأما الحدث الأكبر فليست صريحة فيه ، فكأنه كان [ ص: 538 ] يعتقد أن الجنب لا يتيمم ، فعمل بذلك مع قدرته على أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الحكم ، ويحتمل أنه كان لا يعلم مشروعية التيمم أصلا فكان حكمه حكم فاقد الطهورين . ويؤخذ من هذه القصة أن للعالم إذا رأى فعلا محتملا أن يسأل فاعله عن الحال فيه ليوضح له وجه الصواب . وفيه التحريض على الصلاة في الجماعة ، وأن ترك الشخص الصلاة بحضرة المصلين معيب على فاعله بغير عذر . وفيه حسن الملاطفة ، والرفق في الإنكار .

قوله : ( عليك بالصعيد ) وفي رواية سلم بن زرير " فأمره أن يتيمم بالصعيد " واللام فيه للعهد المذكور في الآية الكريمة ، ويؤخذ منه الاكتفاء في البيان بما يحصل به المقصود من الإفهام ; لأنه أحاله على الكيفية المعلومة من الآية ، ولم يصرح له بها . ودل قوله يكفيك على أن المتيمم في مثل هذه الحالة لا يلزمه القضاء ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله " يكفيك " أي للأداء ، فلا يدل على ترك القضاء .

قوله : ( فدعا فلانا ) هو عمران بن حصين ، ويدل على ذلك قوله في رواية سلم بن زرير عند مسلم " ثم عجلني النبي - صلى الله عليه وسلم - في ركب بين يديه نطلب الماء " ودلت هذه الرواية على أنه كان هو وعلي فقط ; لأنهما خوطبا بلفظ التثنية ، ويحتمل أنه كان معهما غيرهما على سبيل التبعية لهما فيتجه إطلاق لفظ ركب في رواية مسلم ، وخصا بالخطاب ; لأنهما المقصودان بالإرسال .

قوله : ( فابتغيا ) للأصيلي " فابغيا " ولأحمد " فأبغيانا " والمراد الطلب يقال ابتغ الشيء أي تطلبه ، وابغ الشيء أي اطلبه ، وأبغني أي اطلب لي . وفيه الجري على العادة في طلب الماء وغيره دون الوقوف عند خرقها ، وأن التسبب في ذلك غير قادح في التوكل .

قوله : ( بين مزادتين ) المزادة بفتح الميم والزاي قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها ، وتسمى أيضا " السطيحة " ، و " أو " هنا شك من عوف لخلو رواية مسلم عن أبي رجاء عنها ، وفي رواية مسلم " فإذا نحن بامرأة سادلة - أي مدلية - رجليها بين مزادتين " والمراد بهما الراوية .

قوله : ( أمس ) خبر لمبتدأ ، وهو مبني على الكسر ، و " هذه الساعة " بالنصب على الظرفية . وقال ابن مالك : أصله في مثل هذه الساعة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أي بعد حذف " في " .

قوله : ( ونفرنا ) قال ابن سيده النفر ما دون العشرة ، وقيل النفر الناس عن كراع . قلت : وهو اللائق هنا ; لأنها أرادت أن رجالها تخلفوا لطلب الماء . و " خلوف " بضم الخاء المعجمة واللام جمع خالف ، قال ابن فارس : الخالف المستقي ، ويقال أيضا لمن غاب ، ولعله المراد هنا ، أي أن رجالها غابوا عن الحي ، ويكون قولها " ونفرنا خلوف " جملة مستقلة زائدة على جواب السؤال . وفي رواية المستملي والحموي " ونفرنا خلوفا " بالنصب على الحال السادة مسد الخبر .

قوله : ( الصابي ) بلا همز أي المائل ، ويروى بالهمز من صبأ صبوءا ، أي خرج من دين إلى دين . وسيأتي تفسيره للمصنف في آخر الحديث .

قوله : ( هو الذي تعنين ) فيه أدب حسن ، ولو قالا لها " لا " لفات المقصود ، أو " نعم " لم يحسن بهما إذ فيه تقرير ذلك ، فتخلصا أحسن تخلص . وفيه جواز الخلوة بالأجنبية في مثل هذه الحالة >[1] عند أمن الفتنة .

[ ص: 539 ] قوله : ( فاستنزلوها عن بعيرها ) قال بعض الشراح المتقدمين : إنما أخذوها واستجازوا أخذ مائها ; لأنها كانت كافرة حربية ، وعلى تقدير أن يكون لها عهد فضرورة العطش تبيح للمسلم الماء المملوك لغيره على عوض ، وإلا فنفس الشارع تفدى بكل شيء على سبيل الوجوب .

قوله : ( ففرغ ) وللكشميهني " فأفرغ فيه من أفواه المزادتين " زاد الطبراني والبيهقي من هذا الوجه " فتمضمض في الماء وأعاده في أفواه المزادتين " وبهذه الزيادة تتضح الحكمة في ربط الأفواه بعد فتحها ، وإطلاق الأفواه هنا كقوله تعالى فقد صغت قلوبكما إذ ليس لكل مزادة سوى فم واحد ، وعرف منها أن البركة إنما حصلت بمشاركة ريقه الطاهر المبارك للماء .

قوله : ( وأوكأ ) أي ربط ، وقوله : ( وأطلق ) أي فتح " والعزالي " بفتح المهملة والزاي وكسر اللام ويجوز فتحها جمع عزلاء بإسكان الزاي . قال الخليل : هي مصب الماء من الراوية ، ولكل مزادة عزالان من أسفلها .

قوله : ( أسقوا ) بهمزة قطع مفتوحة من أسقى ، أو بهمزة وصل مكسورة من سقى ، والمراد أنهم سقوا غيرهم كالدواب ونحوها واستقوا هم .

قوله : ( وكان آخر ذلك أن أعطى ) بنصب آخر على أنه خبر مقدم ، وأن أعطى اسم كان ، ويجوز رفعه على أن أعطى الخبر ; لأن كليهما معرفة . قال أبو البقاء : والأول أقوى ، ومثله قوله تعالى : فما كان جواب قومه الآية . واستدل بهذه القصة على تقديم مصلحة شرب الآدمي والحيوان على غيره كمصلحة الطهارة بالماء لتأخير المحتاج إليها عمن سقى واستقى ، ولا يقال قد وقع في رواية سلم بن زرير " غير أنا لم نسق بعيرا " ; لأنا نقول : هو محمول على أن الإبل لم تكن محتاجة إذ ذاك إلى السقي ، فيحمل قوله فسقى على غيرها .

قوله : ( وايم الله ) بفتح الهمزة وكسرها والميم مضمومة أصله " ايمن الله " وهو اسم وضع للقسم هكذا ثم حذفت منه النون تخفيفا وألفه ألف وصل مفتوحة ولم يجئ كذلك غيرها ، وهو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف والتقدير ايم الله قسمي ، وفيها لغات جمع منها النووي في تهذيبه سبع عشرة وبلغ بها غيره عشرين ، وسيكون لنا إليها عودة لبيانها في كتاب الأيمان إن شاء الله تعالى . ويستفاد منه جواز التوكيد باليمين وإن لم يتعين .

قوله : ( أشد ملأة ) بكسر الميم وسكون اللام بعدها همزة ، وفي رواية للبيهقي " أملأ منها " ، والمراد أنهم يظنون أن ما بقي فيها من الماء أكثر مما كان أولا .

قوله : ( اجمعوا لها ) فيه جواز الأخذ للمحتاج برضا المطلوب منه ، أو بغير رضاه إن تعين ، وفيه جواز المعاطاة في مثل هذا من الهبات والإباحات من غير لفظ من المعطي والآخذ .

قوله : ( من بين عجوة وسويقة ) العجوة معروفة ، والسويقة بفتح أوله وكذا الدقيقة ، وفي رواية كريمة بضمها مصغرا مثقلا .

قوله : ( حتى جمعوا لها طعاما ) زاد أحمد في روايته " كثيرا " وفيه إطلاق لفظ الطعام على غير الحنطة والذرة خلافا لمن أبى ذلك ، ويحتمل أن يكون قوله " حتى جمعوا لها طعاما " أي غير ما ذكر من العجوة وغيرها .

[ ص: 540 ] قوله : ( قال لها تعلمين ) بفتح أوله وثانيه وتشديد اللام أي اعلمي ، وللأصيلي " قالوا " وللإسماعيلي " قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فتحمل رواية الأصيلي على أنهم قالوا لها ذلك بأمره . وقد اشتمل ذلك على علم عظيم من أعلام النبوة .

قوله : ( ما رزئنا ) بفتح الراء وكسر الزاي - ويجوز فتحها - وبعدها همزة ساكنة أي نقصنا ، وظاهره أن جميع ما أخذوه من الماء مما زاده الله تعالى وأوجده ، وأنه لم يختلط فيه شيء من مائها في الحقيقة وإن كان في الظاهر مختلطا ، وهذا أبدع وأغرب في المعجزة ، وهو ظاهر قوله : ولكن الله هو الذي أسقانا ويحتمل أن يكون المراد ما نقصنا من مقدار مائك شيئا . واستدل بهذا على جواز استعمال أواني المشركين ما لم يتيقن فيها النجاسة ، وفيه إشارة إلى أن الذي أعطاها ليس على سبيل العوض عن مائها بل على سبيل التكرم والتفضل .

قوله : ( وقالت بإصبعيها ) أي أشارت ، وهو من إطلاق القول على الفعل .

قوله : ( يغيرون ) بالضم من أغار أي دفع الخيل في الحرب .

قوله : ( الصرم ) بكسر المهملة ، أي أبياتا مجتمعة من الناس .

قوله : ( فقالت يوما لقومها : ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمدا ) هذه رواية الأكثر ، قال ابن مالك : ما موصولة ، وأرى بفتح الهمزة بمعنى أعلم ، والمعنى الذي أعتقده أن هؤلاء يتركونكم عمدا لا غفلة ولا نسيانا بل مراعاة لما سبق بيني وبينهم ، وهذه الغاية في مراعاة الصحبة اليسيرة ، وكان هذا القول سببا لرغبتهم في الإسلام . وفي رواية أبي ذر " ما أرى أن هؤلاء القوم " وقال ابن مالك أيضا : وقع في بعض النسخ " ما أدري " يعني رواية الأصيلي . قال : وما موصولة وأن بفتح الهمزة وقال غيره : ما نافية وأن بمعنى لعل . وقيل : ما نافية وإن بالكسر ، ومعناه لا أعلم حالكم في تخلفكم عن الإسلام مع أنهم يدعونكم عمدا .

ومحصل القصة أن المسلمين صاروا يراعون قومها على سبيل الاستئلاف لهم حتى كان ذلك سببا لإسلامهم . وبهذا يحصل الجواب عن الإشكال الذي ذكره بعضهم ، وهو أن الاستيلاء على الكفار بمجرده يوجب رق النساء والصبيان ، وإذا كان كذلك فقد دخلت المرأة في الرق باستيلائهم عليها فكيف وقع إطلاقها وتزويدها كما تقدم ؟ لأنا نقول : أطلقت لمصلحة الاستئلاف الذي جر دخول قومها أجمعين في الإسلام ، ويحتمل أنها كان لها أمان قبل ذلك ، أو كانت من قوم لهم عهد . واستدل به بعضهم على جواز أخذ أموال الناس عند الضرورة بثمن إن كان له ثمن ، وفيه نظر ; لأنه بناه على أن الماء كان مملوكا للمرأة وأنها كانت معصومة النفس والمال ، ويحتاج إلى ثبوت ذلك . وإنما قدمناه احتمالا . وأما قوله " بثمن " فكأنه أخذه من إعطائها ما ذكر ، وليس بمستقيم ; لأن العطية المذكورة متقومة ، والماء مثلي ، وضمان المثلي إنما يكون بالمثل . وينعكس ما قاله من جهة أخرى وهو أن المأخوذ من فضل الماء للضرورة لا يجب العوض عنه .

وقال بعضهم : فيه جواز طعام المخارجة ; لأنهم تخارجوا في عوض الماء ، وهو مبني على ما تقدم . وفيه أن الخوارق لا تغير الأحكام الشرعية .

قوله : ( قال أبو عبد الله : صبأ . . . إلخ ) هذا في رواية المستملي وحده ، ووقع في نسخة الصغاني : [ ص: 541 ] صبأ فلان : انخلع . وأصبأ ، أي كذلك . وكذا قوله " وقال أبو العالية . . . إلخ " وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه . وقال غيره : هم منسوبون إلى صابئ بن متوشلخ عم نوح عليه السلام . وروى ابن مردويه بإسناد حسن عن ابن عباس قال : الصابئون ليس لهم كتاب . انتهى . ووقع في نسخة الصغاني " أصب أمل " وهذا سيأتي في تفسير سورة يوسف إن شاء الله تعالى . وإنما أورد البخاري هذا هنا ليبين الفرق بين الصابئ المراد في هذا الحديث والصابئ المنسوب للطائفة المذكورة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية