صفحة جزء
باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف

338 حدثنا بشر بن خالد قال حدثنا محمد هو غندر أخبرنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل قال قال أبو موسى لعبد الله بن مسعود إذا لم يجد الماء لا يصلي قال عبد الله لو رخصت لهم في هذا كان إذا وجد أحدهم البرد قال هكذا يعني تيمم وصلى قال قلت فأين قول عمار لعمر قال إني لم أر عمر قنع بقول عمار
قوله : ( باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض . . . إلخ ) مراده إلحاق خوف المرض ، وفيه اختلاف بين الفقهاء بخوف العطش ولا اختلاف فيه .

قوله : ( ويذكر أن عمرو بن العاص ) هذا التعليق وصله أبو داود والحاكم من طريق يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال " احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن أغتسل فأهلك ، فتيممت ، ثم صليت بأصحابي الصبح . فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئا " .

وروياه أيضا من طريق عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب ، لكن زاد عبد الرحمن بن جبير وعبد الله بن عمرو رجلا وهو أبو قيس مولى عمرو بن العاص وقال في القصة " فغسل مغابنه وتوضأ " ولم يقل تيمم ، وقال فيه " لو اغتسلت مت " وذكر أبو داود أن الأوزاعي روى عن حسان بن عطية هذه القصة فقال فيها " فتيمم " . انتهى . ورواها عبد الرزاق من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص ولم يذكر التيمم ، والسياق الأول أليق بمراد المصنف وإسناده قوي ، لكنه علقه بصيغة التمريض لكونه اختصره ، وقد أوهم ظاهر سياقه أن عمرو بن العاص تلا الآية لأصحابه وهو جنب ، وليس كذلك ، وإنما تلاها بعد أن رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمره على غزوة ذات السلاسل كما سيأتي في المغازي .

ووجه استدلاله بالآية ظاهر من سياق الرواية الثانية . وقال البيهقي يمكن الجمع بين الروايات بأنه توضأ ثم تيمم عن الباقي ، وقال النووي : وهو متعين .

قوله : ( فلم يعنف ) حذف المفعول للعلم به ، أي لم يلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرا ، فكان ذلك تقريرا دالا على الجواز . ووقع في رواية الكشميهني " فلم يعنفه " بزيادة هاء الضمير ، وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك ، سواء كان لأجل برد أو غيره . وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين ، وجواز الاجتهاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 542 ] قوله : ( حدثنا محمد هو غندر ) لم يقل الأصيلي " هو غندر " فكأنها مقول من دون البخاري .

قوله : ( عن شعبة ) للأصيلي " حدثنا شعبة " ، وسليمان هو الأعمش .

قوله : ( فإذا لم تجد الماء لا تصلي ) كذا في روايتنا بتاء الخطاب ، ويؤيده رواية الإسماعيلي من هذا الوجه ولفظه " فقال عبد الله نعم إن لم أجد الماء شهرا لا أصلي " وفي رواية كريمة بالياء التحتانية في الموضعين أي إذا لم يجد الجنب .

قوله : ( قال عبد الله ) زاد ابن عساكر " نعم " .

قوله : ( أحدهم ) كذا للأكثر ، وللحموي " أحدكم " .

قوله : ( قال هكذا ) فيه إطلاق القول على العمل ، وقوله " يعني تيمم وصلى " شرح لقوله " هكذا " والظاهر أنه مقول أبي موسى .

قوله : ( فأين قول عمار لعمر ) هكذا وقع في رواية شعبة مختصرا ، وبيانه في رواية حفص الآتية ثم رواية أبي معاوية وهي أتم .

قوله : ( حدثنا عمر بن حفص ) أي ابن غياث . قوله : ( حدثنا الأعمش ) في رواية أبي ذر وأبي الوقت ( ( عن الأعمش ) ) وأفادت رواية حفص التصريح بسماع الأعمش من شقيق . [ ص: 543 ] قوله : ( أرأيت ) أي أخبرني ( يا أبا عبد الرحمن ) وهي كنية ابن مسعود . قوله : ( إذا أجنب ) أي الرجل . قوله : ( حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم كان يكفيك ) كذا اختصر المتن وأبهم الآية ، وسيأتي المراد من ذلك في الباب الذي بعده . قوله : ( فدعنا من قول عمار ) فيه جواز الانتقال من دليل إلى دليل أوضح منه ، ومما فيه الاختلاف إلى ما فيه الاتفاق . وفيه جواز التيمم للجنب بخلاف ما نقل عن عمرو وابن مسعود . وفيه إشارة إلى ثبوت حجة أبي موسى لقوله : ( فما درى عبد الله ما يقول ) وسيأتي الكلام على ذلك وعلى السبب في كون عمر لم يقنع بقول عمار .

التالي السابق


الخدمات العلمية