صفحة جزء
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم

3588 حدثني محمد بن يحيى أبو علي حدثنا شاذان أخو عبدان حدثنا أبي أخبرنا شعبة بن الحجاج عن هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يقول مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال ما يبكيكم قالوا ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك قال فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم
قوله : ( باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ) يعني الأنصار .

قوله : ( حدثني محمد بن يحيى أبو علي ) هو اليشكري المروزي الصائغ كان أحد الحفاظ ، مات قبل البخاري بأربع سنين .

قوله : ( حدثنا شاذان أخو عبدان ) هو عبد العزيز بن عثمان بن جبلة ، وهو أصغر من أخيه عبدان ، وقد أكثر البخاري عن عبدان وأدرك شاذان ، لكنه روى هنا عنه بواسطة .

[ ص: 152 ] قوله : ( مر أبو بكر ) أي الصديق ( والعباس ) أي ابن عبد المطلب ، وكان ذلك في مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يبكون .

قوله : ( فقال : ما يبكيكم ) ؟ لم أقف على اسم الذي خاطبهم بذلك هل هو أبو بكر أو العباس ، ويظهر لي أنه العباس .

قوله : ( ذكرنا مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم ) أي الذي كانوا يجلسونه معه ، وكان ذلك في مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - فخشوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه ، فبكوا حزنا على فوات ذلك .

قوله : ( فدخل ) كذا أفرد بعد أن ثنى ، والمراد به من خاطبهم ، وقد قدمت رجحان أنه العباس لكون الحديث من رواية ابنه وكأنه إنما سمع ذلك منه .

قوله : ( حاشية برد ) في رواية المستملي حاشية بردة بزيادة هاء التأنيث .

قوله : ( أوصيكم بالأنصار ) استنبط منه بعض الأئمة أن الخلافة لا تكون في الأنصار ؛ لأن من فيهم الخلافة يوصون ولا يوصى بهم ، ولا دلالة فيه إذ لا مانع من ذلك .

قوله : ( كرشي وعيبتي ) أي بطانتي وخاصتي قال القزاز : ضرب المثل بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه ، ويقال : لفلان كرش منثورة أي عيال كثيرة ، والعيبة بفتح المهملة وسكون المثناة بعدها موحدة ما يحرز فيه الرجل نفيس ما عنده ، يريد أنهم موضع سره وأمانته قال ابن دريد : هذا من كلامه - صلى الله عليه وسلم - الموجز الذي لم يسبق إليه . وقال غيره : الكرش بمنزلة المعدة للإنسان ، والعيبة مستودع الثياب والأول أمر باطن والثاني أمر ظاهر ، فكأنه ضرب المثل بهما في إرادة اختصاصهم بأموره الباطنة والظاهرة ، والأول أولى ، وكل من الأمرين مستودع لما يخفى فيه .

قوله : ( وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم ) يشير إلى ما وقع لهم ليلة العقبة من المبايعة ، فإنهم بايعوا على أن يؤووا النبي - صلى الله عليه وسلم - وينصروه على أن لهم الجنة ، فوفوا بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية