صفحة جزء
3747 حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي حدثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة أو أبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة
الحديث الخامس والسادس حديث علي وأبي ذر في المبارزة ، أورده من طرق . وأبو مجلز بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي هو لاحق بن حميد ، تابعي وكذا شيخه والراوي عنه - وقيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة تقدم في مناقب عبد الله بن سلام ، وليس له في البخاري سوى ذلك الحديث وحديث الباب مع الاختلاف عليه هل هو عن علي أو أبي ذر ، والذي يظهر أنه سمعه من كل منهما ، ويدل عليه اختلاف السياقين .

قوله : ( من يجثو ) بالجيم والمثلثة أي يقعد على ركبتيه مخاصما ، والمراد بهذه الأولية تقييده بالمجاهدين من هذه [ ص: 347 ] الأمة ؛ لأن المبارزة المذكورة أول مبارزة وقعت في الإسلام .

قوله : ( وقال قيس ) هو ابن عباد المذكور ، وهو موصول بالإسناد المذكور .

قوله : ( وفيهم أنزلت ) هكذا وقع في رواية معتمر بن سليمان عن أبيه مرسلا ، ووقع في رواية يوسف بن يعقوب بعدها عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن قيس قال : " قال علي : فينا نزلت " وسيأتي في تفسير الحج أن منصورا رواه عن أبي هاشم عن أبي مجلز فوقفه عليه .

قوله : ( في ستة من قريش ) يعني ثلاثة من المسلمين من بني عبد مناف : اثنين من بني هاشم ، وواحد من بني المطلب . وثلاثة من المشركين من بني عبد شمس بن عبد مناف .

قوله : ( علي وحمزة ) أي ابن عبد المطلب بن هاشم وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب .

قوله : ( وشيبة بن ربيعة ) أي ابن عبد شمس ، وعتبة هو أخوه ، والوليد بن عتبة ولده . ولم يقع في هذه الرواية تفصيل المبارزين . وذكر ابن إسحاق أن عبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة كانا أسن القوم ، فبرز عبيدة لعتبة ، وحمزة لشيبة ، وعلي للوليد . وعند موسى بن عقبة : برز حمزة لعتبة ، وعبيدة لشيبة ، وعلي للوليد . ثم اتفقا فقتل علي الوليد ، وقتل حمزة الذي بارزه ، واختلف عبيدة ومن بارزه بضربتين فوقعت الضربة في ركبة عبيدة فمات منها لما رجعوا بالصفراء ، ومال حمزة وعلي إلى الذي بارز عبيدة فأعاناه على قتله .

وعند الحاكم من طريق عبد خير عن علي مثل قول موسى بن عقبة ، وعند الأسود عن عروة مثله . وأورد ابن سعد من طريق عبيدة السلماني أن شيبة لحمزة وعبيدة لعتبة وعليا للوليد ، ثم قال الليث : إن عتبة لحمزة وشيبة لعبيدة اهـ . قال بعض من لقيناه : اتفقت الروايات على أن عليا للوليد ، وإنما اختلفت في عتبة وشيبة أيهما لعبيدة وحمزة ، والأكثر على أن شيبة لعبيدة . قلت : وفي دعوى الاتفاق نظر ، فقد أخرج أبو داود من طريق حارثة بن مضرب عن علي قال : تقدم عتبة وتبعه ابنه وأخوه ، فانتدب له شباب من الأنصار ، فقال : لا حاجة لنا فيكم ، إنما أردنا بني عمنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قم يا حمزة ، قم يا علي ، قم يا عبيدة . فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة قلت : وهذا أصح الروايات ، لكن الذي في السير من أن الذي بارزه علي هو الوليد هو المشهور وهو اللائق بالمقام ، لأن عبيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة ، بخلاف علي والوليد فكانا شابين . وقد روى الطبراني بإسناد حسن عن علي قال : " أعنت أنا وحمزة عبيدة بن الحارث على الوليد بن عتبة ، فلم يعب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك علينا " وهذا موافق لرواية أبي داود ، فالله أعلم .

وفي الحديث جواز المبارزة خلافا لمن أنكرها كالحسن البصري . وشرط الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق للجواز إذن الأمير على الجيش ، وجواز إعانة المبارز رفيقه ، وفيه فضيلة ظاهرة لحمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية