صفحة جزء
3872 حدثني قتيبة حدثنا عبد العزيز عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكتادنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فاغفر للمهاجرين والأنصار
قوله : ( كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخندق وهم يحفرون ) قد تقدم ذكر السبب في حفر الخندق في مغازي ابن عقبة ، ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - جمعهم أخذ في حفر الخندق حول المدينة ووضع يده في العمل معهم مستعجلين يبادرون قدوم العدو ، وكذا ذكر ابن إسحاق نحوه ، وعند موسى أنهم أقاموا في عمله قريبا من عشرين ليلة ، وعند الواقدي أربعا وعشرين ، وفي الروضة للنووي خمسة عشر يوما ، وفي الهدي لابن القيم أقاموا شهرا .

قوله : ( ونحن ننقل التراب على أكتادنا ) بالمثناة جمع كتد بفتح أوله وكسر المثناة وهو ما بين الكاهل إلى الظهر ، وقد تقدم في الجهاد من حديث أنس بلفظ " على متونهم " والمتن مكتنف الصلب بين اللحم والعصب ، ووهم ابن التين فعزا هذه اللفظة لحديث سهل بن سعد . ووقع في بعض النسخ " على أكبادنا " بالموحدة وهو موجه على أن يكون المراد به ما يلي الكبد من الجنب .

قوله : ( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ) قال ابن بطال : هو قول ابن رواحة ، يعني تمثل به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن من لفظه لم يكن بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - شاعرا ، قال : وإنما يسمى شاعرا من قصده وعلم السبب والوتد وجميع معانيه من الزحاف ونحو ذلك . كذا قال ، وعلم السبب والوتد إلى آخره إنما تلقوه من العروض التي اخترع ترتيبها الخليل بن أحمد ، وقد كان شعر الجاهلية والمخضرمين والطبقة الأولى والثانية من شعراء الإسلام قبل أن يصنفه الخليل كما قال أبو العتاهية : أنا أقدم من العروض ، يعني أنه نظم الشعر قبل وضعه . وقال أبو عبد الله بن الحجاج الكاتب :


قد كان شعر الورى قديما من قبل أن يخلق الخليل



وقال الداودي فيما نقله ابن التين : إنما قال ابن رواحة " لا هم إن العيش " بلا ألف ولام ، فأورد بعض الرواة على المعنى ، كذا قال وحمله على ذلك ظنه أنه يصير بالألف واللام غير موزون ، وليس كذلك بل يكون دخله الخزم ومن صوره زيادة شيء من حروف المعاني في أول الجزء .

قوله : ( فاغفر للمهاجرين والأنصار ) في حديث أنس بعده " فاغفر للأنصار والمهاجرة " وكلاهما غير موزون ، ولعله - صلى الله عليه وسلم - تعمد ذلك ، ولعل أصله فاغفر للانصار والمهاجرة بتسهيل لام الأنصار وباللام في المهاجرة ، وفي الرواية الأخرى " فبارك " بدل فاغفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية