صفحة جزء
3875 حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال أتيت جابرا رضي الله عنه فقال إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذه كدية عرضت في الخندق فقال أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم فقلت يا رسول الله ائذن لي إلى البيت فقلت لامرأتي رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء قالت عندي شعير وعناق فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج فقلت طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال كم هو فذكرت له قال كثير طيب قال قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي فقال قوموا فقام المهاجرون والأنصار فلما دخل على امرأته قال ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم قالت هل سألك قلت نعم فقال ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية قال كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة
قوله : ( عن أبيه ) في رواية يونس بن بكير في زيادات المغازي " عن عبد الواحد بن أيمن المخزومي " .

قوله : ( أتيت جابرا فقال : إنا يوم الخندق ) في رواية الإسماعيلي من طريق المحاربي عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه " قال : قلت لجابر بن عبد الله : حدثني بحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرويه عنك فقال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق " .

قوله : ( فعرضت كيدة ) كذا لأبي ذر بفتح الكاف وسكون التحتانية ، قيل : هي القطعة الشديدة الصلبة من الأرض ، وقال عياض : كأن المراد أنها واحدة الكيد كأنهم أرادوا أن الكيد - وهي الجبلة - أعجزهم فلجأوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي رواية أحمد عن وكيع عن عبد الواحد بن أيمن " وهاهنا كدية من الجبل " وفي رواية الإسماعيلي " فعرضت كدية " وهي بضم الكاف وتقديم الدال على التحتانية ، وهي القطعة الصلبة [ ص: 458 ] الصماء . ووقع في رواية الأصيلي عن الجرجاني " كندة " بنون ، وعند ابن السكن " كتدة " بمثناة من فوق قال عياض : لا أعرف لهما معنى ، وفي رواية الإسماعيلي " فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : هذه كدية قد عرضت في الخندق " وزاد في روايته " فقال : رشوها بالماء فرشوها " .

قوله : ( أنا نازل ، ثم قام وبطنه معصوب بحجر ) زاد يونس " من الجوع " وفي رواية أحمد " أصابهم جهد شديد حتى ربط النبي - صلى الله عليه وسلم - على بطنه حجرا من الجوع " وفائدة ربط الحجر على البطن أنها تضمر من الجوع فيخشى على انحناء الصلب بواسطة ذلك فإذا وضع فوقها الحجر وشد عليها العصابة استقام الظهر ، وقال الكرماني : لعله لتسكين حرارة الجوع ببرد الحجر ، ولأنها حجارة رقاق قدر البطن تشد الأمعاء فلا يتحلل شيء مما في البطن فلا يحصل ضعف زائد بسبب التحلل .

قوله : ( ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا ) هي جملة معترضة أوردها لبيان السبب في ربطه - صلى الله عليه وسلم - الحجر على بطنه ، وزاد الإسماعيلي " لا نطعم شيئا أو لا نقدر عليه " .

قوله : ( فأخذ المعول ) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الواو بعدها لام أي المسحاة ، وفي رواية أحمد " فأخذ المعول أو المسحاة " بالشك .

قوله : ( فضرب ) في رواية الإسماعيلي " ثم سمى ثلاثا ثم ضرب " وعند الحارث بن أبي أسامة من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان قال : ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخندق ثم قال : بسم الله وبه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا فحبذا ربا وحبذا دينا

قوله : ( فعاد كثيبا ) أي رملا .

قوله : ( أهيل أو أهيم ) شك من الراوي ، في رواية الإسماعيلي " أهيل " بغير شك ، وكذا عند يونس ، وفي رواية أحمد " كثيبا يهال " والمعنى أنه صار رملا يسيل ولا يتماسك ، قال الله تعالى : وكانت الجبال كثيبا مهيلا أي رملا سائلا ، وأما " أهيم " فقال عياض : ضبطها بعضهم بالمثلثة وبعضهم بالمثناة وفسرها بأنها تكسرت ، والمعروف بالتحتانية وهي بمعنى أهيل ، وقد قال في قوله تعالى : فشاربون شرب الهيم المراد الرمال التي لا يرويها الماء ، وقد تقدم الخلاف في تفسيرها في كتاب البيوع . ووقع عند أحمد والنسائي في هذه القصة زيادة بإسناد حسن من حديث البراء بن عازب قال : لما كان حين أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ فيها المعاول ، فاشتكينا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجاء فأخذ المعول فقال : بسم الله . فضرب ضربة فكسر ثلثها ، وقال : الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة . ثم ضرب الثانية فقطع الثلث الآخر فقال : الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس ، والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض . ثم ضرب الثالثة وقال : بسم الله ; فقطع بقية الحجر فقال : الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة وللطبراني من حديث عبد الله بن عمرو نحوه ، وأخرجه البيهقي مطولا من طريق كثير بن عبد الرحمن بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده وفي أوله خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق لكل عشرة أناس عشرة أذرع - وفيه - فمرت بنا صخرة بيضاء كسرت [ ص: 459 ] معاويلنا فأردنا أن نعدل عنها فقلنا : حتى نشاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلنا إليه سلمان - وفيه - فضرب ضربة صدع الصخرة وبرق منها برقة فكبر وكبر المسلمون - وفيه - رأيناك تكبر فكبرنا بتكبيرك فقال : إن البرقة الأولى أضاءت لها قصور الشام ، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم - وفي آخره - ففرح المسلمون واستبشروا وأخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه .

قوله : ( فقلت : يا رسول الله ائذن لي إلى البيت ) زاد أبو نعيم في " المستخرج " فأذن لي ، وفي المسند من زيادات عبد الله بن أحمد من حديث ابن عباس احتفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق وأصحابه قد شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع ، فلما رأى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : هل دللتم على رجل يطعمنا أكلة ؟ قال رجل : نعم ، قال : أما لا فتقدم الحديث ، وكأنه جابر ، ويؤخذ من هذه النكتة في قوله : " ائذن لي يا رسول الله " .

قوله : ( فقلت لامرأتي ) اسمها سهيلة بنت مسعود الأنصارية .

قوله : ( عندي شعير ) بين يونس بن بكير في روايته أنه صاع .

قوله : ( وعناق ) بفتح العين المهملة وتخفيف النون هي الأنثى من المعز ، وفي رواية سعيد بن ميناء التي تلو هذه " فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ، ولنا بهيمة داجن " أي سمينة ، والداجن التي تترك في البيت ولا تفلت للمرعى ، ومن شأنها أن تسمن . وفي رواية أحمد من طريق سعيد بن ميناء " سمينة " .

قوله : ( فذبحت ) بسكون المهملة وضم التاء ، وقوله : ( طحنت ) بفتح المهملة وفتح النون ، فالذي ذبح هو جابر ، وامرأته هي التي طحنت . وفي رواية سعيد عند أحمد " فأمرت امرأتي فطحنت لنا الشعير وصنعت لنا منه خبزا " .

قوله : ( والعجين قد انكسر ) أي لان ورطب وتمكن منه الخمير .

قوله : ( والبرمة بين الأثافي ) بمثلثة وفاء أي الحجارة التي توضع عليها القدر وهي ثلاثة .

قوله : ( حتى جعلنا ) في رواية الكشميهني " حتى جعلت " .

قوله : ( في البرمة ) بضم الموحدة وسكون الراء .

قوله : ( طعيم ) بتشديد التحتانية على طريقة المبالغة في تحقيره ، قالوا : من تمام المعروف تعجيله وتحقيره ، قال ابن التين : ضبطه بعضهم بتخفيف الياء وهو غلط .

قوله : ( فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان ) في رواية يونس " ورجلان " بالجزم ، وفي رواية سعيد بعد هذه " فقم أنت ونفر معك " وفي رواية أحمد " وكنت أريد أن ينصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده " .

قوله : ( فقال : قوموا ، فقام المهاجرون ) في رواية يونس " فقال للمسلمين جميعا : قوموا " وهي أوضح ، فإن الأحاديث تدل على أنه لم يخص المهاجرين بذلك ، فكأن المراد فقام المهاجرون ومن معهم ، وخصهم بالذكر لشرفهم ، وفي بقية الحديث ما يؤيد هذا فإنه قال : " فلما دخل على امرأته قال : ويحك جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم [ ص: 460 ] بالمهاجرين والأنصار " .

قوله : ( قالت : هل سألك ؟ قال : نعم . فقال : ادخلوا ) في هذا السياق اختصار ، وبيانه في رواية يونس " قال : فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله عز وجل وقلت : جاء الخلق على صاع من شعير وعناق ، فدخلت على امرأتي أقول : افتضحت ، جاءك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخندق أجمعين . فقالت : هل كان سألك كم طعامك ؟ فقلت : نعم . فقالت : الله ورسوله أعلم ، ونحن قد أخبرناه بما عندنا ، فكشفت عني غما شديدا " وفي الرواية التي تلي هذه " فجئت امرأتي فقالت : بك وبك . فقلت : قد فعلت الذي قلت " . وكان قد ذكر في أوله أنها " قالت له : لا تفضحني برسول الله وبمن معه ، فجئت فساررته " ويجمع بينهما بأنها أوصته أولا بأن يعلمه بالصورة ، فلما قال لها إنه جاء بالجميع ظنت أنه لم يعلمه فخاصمته ، فلما أعلمها أنه أعلمه سكن ما عندها لعلمها بإمكان خرق العادة ، ودل ذلك على وفور عقلها وكمال فضلها . وقد وقع لها مع جابر في قصة التمر أن جابرا أوصاها لما زارهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا تكلمه ، فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الانصراف نادته : يا رسول الله صل علي وعلى زوجي . فقال : صلى الله عليك وعلى زوجك . فعاتبها جابر ، فقالت له : أكنت تظن أن الله يورد رسوله بيتي ثم يخرج ولا أسأله الدعاء أخرجه أحمد بإسناد حسن في حديث طويل ، ووقع في رواية أبي الزبير عن جابر في نحو هذه القصة أنها قالت لجابر " فارجع إليه فبين له ، فأتيته فقلت : يا رسول الله ، إنما هي عناق وصاع من شعير ، قال : فارجع فلا تحركن شيئا من التنور ولا من القدر حتى آتيها ، واستعر صحافا " .

قوله : ( ولا تضاغطوا ) بضاد معجمة وغير معجمة وطاء مهملة مشالة ، أي لا تزدحموا ، وفي الرواية التي بعدها " فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيها وبارك " .

قوله : ( ويخمر البرمة ) أي يغطيها .

قوله : ( ثم ينزع ) أي يأخذ اللحم من البرمة ، وفي رواية سعيد التي تلو هذه " فقال : ادع خابزة فلتخبز معك " أي تساعدك ، وقوله : " واقدحي من برمتك " أي اغرفي ، والمقدحة المغرفة ، وفي رواية أبي الزبير عن جابر " وأقعدهم عشرة عشرة فأكلوا " .

قوله : ( وبقي بقية ) في رواية سعيد " فأقسم بالله لأكلوا - أي لقد أكلوا - حتى تركوه وانحرفوا " بالحاء المهملة والفاء أي رجعوا ، وفي رواية يونس بن بكير " فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعون ، ويعود التنور والقدر أملأ ما كانا " .

قوله : ( كلي هذا وأهدي ) بهمزة قطع فعل أمر للمرأة من الهدية ، ثم بين سبب ذلك بقوله : " فإن الناس أصابتهم مجاعة " وفي رواية يونس " كلي وأهدي ، فلم نزل نأكل ونهدي يومنا أجمع " وفي رواية أبي الزبير عن جابر " فأكلنا نحن وأهدينا لجيراننا ، فلما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب ذلك " وقد تقدم في علامات النبوة حديث أنس في تكثير الطعام القليل أيضا في قصة أخرى بما يغني عن الإعادة .

[ ص: 461 ] الحديث الخامس حديث جابر أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية