صفحة جزء
3912 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن أبي وائل قال حدثني مسروق بن الأجدع قال حدثتني أم رومان وهي أم عائشة رضي الله عنهما قالت بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت فعل الله بفلان وفعل فقالت أم رومان وما ذاك قالت ابني فيمن حدث الحديث قالت وما ذاك قالت كذا وكذا قالت عائشة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم قالت وأبو بكر قالت نعم فخرت مغشيا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض فطرحت عليها ثيابها فغطيتها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما شأن هذه قلت يا رسول الله أخذتها الحمى بنافض قال فلعل في حديث تحدث به قالت نعم فقعدت عائشة فقالت والله لئن حلفت لا تصدقوني ولئن قلت لا تعذروني مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه والله المستعان على ما تصفون قالت وانصرف ولم يقل شيئا فأنزل الله عذرها قالت بحمد الله لا بحمد أحد ولا بحمدك
قوله : ( عن حصين ) هو ابن عبد الرحمن الواسطي .

قوله : ( عن أبي وائل ) هو شقيق بن سلمة الأسدي .

قوله : ( عن مسروق حدثتني أم رومان ) بضم الراء وسكون الواو وتقدم ذكرها في علامات النبوة وتسميتها ، وقد استشكل قول مسروق " حدثتني أم رومان " مع أنها ماتت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسروق ليست له صحبة ؛ لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - في خلافة أبي بكر أو عمر ، قال الخطيب : لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين ; ومسروق لم يدرك أم رومان وكان يرسل هذا الحديث عنها ويقول " سئلت أم رومان " فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقا ، أو يكون بعض النقلة كتب سئلت بألف فصارت " سألت " فقرئت بفتحتين ، قال علي : إن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب يعني العنعنة ، قال وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال ولم يظهر له علة . انتهى . وقد حكى المزي كلام الخطيب هذا في التهذيب وفي الأطراف ولم يتعقبه بل أقره وزاد أنه روى عن مسروق عن ابن مسعود عن أم رومان ، وهو أشبه بالصواب . كذا قال . وهذه الرواية شاذة وهي من المزيد في متصل الأسانيد على ما سنوضحه . والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخاري ؛ لأن عمدة الخطيب ومن تبعه في دعوى الوهم الاعتماد على قول من قال : إن أم رومان ماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أربع وقيل : سنة خمس وقيل : سنة ست ، وهو شيء ذكره الواقدي ، ولا تتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتي عن الواقدي . وذكره الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ست في ذي الحجة ، وقد أشار البخاري إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان : روى علي بن يزيد عن القاسم قال : ماتت أم رومان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ست ، قال البخاري : وفيه نظر وحديث مسروق أسند ، أي أقوى إسنادا وأبين اتصالا انتهى . وقد جزم إبراهيم الحربي بأن مسروقا سمع من أم رومان وله خمس عشرة سنة ، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر ؛ لأن مولد مسروق كان في سنة الهجرة ولهذا قال أبو نعيم الأصبهاني : عاشت أم رومان بعد النبي صلى الله عليه وسلم . وقد تعقب ذلك كله الخطيب معتمدا على ما تقدم عن الواقدي والزبير ، وفيه نظر ، لما وقع عند أحمد من طريق أبي سلمة عن عائشة قالت : لما نزلت آية التخيير بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعائشة فقال : يا عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي [ ص: 503 ] بكر وأم رومان الحديث ، وأصله في الصحيحين دون تسمية أم رومان ، وآية التخيير نزلت سنة تسع اتفاقا ، فهذا دال على تأخير موت أم رومان عن الوقت الذي ذكره الواقدي والزبير أيضا ، فقد تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر قال عبد الرحمن : " وإنما هو أنا وأبي وأمي وامرأتي وخادم " وفيه عند المصنف في الأدب " فلما جاء أبو بكر قالت له أمي : احتبست عن أضيافك " الحديث ، وعبد الرحمن إنما هاجر في هدنة الحديبية وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست ، وهجرة عبد الرحمن في سنة سبع في قول ابن سعد ، وفي قول الزبير فيها أو في التي بعدها ؛ لأنه روى أن عبد الرحمن خرج في فئة من قريش قبل الفتح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه ، وفي بعض هذا كفاية في التعقب على الخطيب ومن تبعه فيما تعقبوه على هذا الجامع الصحيح والله المستعان . وقد تلقى كلام الخطيب بالتسليم صاحب المشارق والمطالع والسهيلي وابن سيد الناس ، وتبع المزي الذهبي في مختصراته والعلائي في المراسيل وآخرون ، وخالفهم صاحب الهدي . قلت . وسأذكر ما في حديث أم رومان من قصة الإفك مخالفا لحديث عائشة ووجه التوفيق بينهما في التفسير إن شاء الله تعالى . الحديث الثالث .

التالي السابق


الخدمات العلمية