صفحة جزء
باب حجة الوداع

4134 حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا فقدمت معه مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا
[ ص: 707 ] قوله : ( باب حجة الوداع ) بكسر الحاء المهملة وبفتحها ، وبكسر الواو وبفتحها ، ذكر جابر في حديثه الطويل في صفتها كما أخرجه مسلم وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مكث تسع سنين - أي منذ قدم المدينة - لم يحج ، ثم أذن في الناس في العاشرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاج ، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الحديث . ووقع في حديث أبي سعيد الخدري ما يوهم أنه - صلى الله عليه وسلم - حج قبل أن يهاجر غير حجة الوداع ولفظه >[1] وعند الترمذي من حديث جابر " حج قبل أن يهاجر ثلاث حجج " وعن ابن عباس مثله أخرجه ابن ماجه والحاكم ، قلت : وهو مبني على عدد وفود الأنصار إلى العقبة بمنى بعد الحج ، فإنهم قدموا أولا فتواعدوا ، ثم قدموا ثانيا فبايعوا البيعة الأولى ، ثم قدموا ثالثا فبايعوا البيعة الثانية كما تقدم بيانه أول الهجرة ، وهذا لا يقتضي نفي الحج قبل ذلك . وقد أخرج الحاكم بسند صحيح إلى الثوري " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قبل أن يهاجر حججا " وقال ابن الجوزي : حج حججا لا يعرف عددها . وقال ابن الأثير في النهاية : كان يحج كل سنة قبل أن يهاجر .

وفي حديث ابن عباس أن خروجه من المدينة كان لخمس بقين من ذي القعدة أخرجه المصنف في الحج ، وأخرجه هو ومسلم من حديث عائشة مثله ، وجزم ابن حزم بأن خروجه كان يوم الخميس ، وفيه نظر لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس قطعا لما ثبت وتواتر أن وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة ، فتعين أن أول الشهر يوم الخميس فلا يصح أن يكون خروجه يوم الخميس ، بل ظاهر الخبر أن يكون يوم الجمعة ، لكن ثبت في الصحيحين عن أنس " صلينا الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين " فدل على أن خروجهم لم يكن يوم الجمعة ، فما بقي إلا أن يكون خروجهم يوم السبت ، ويحمل قول من قال : " لخمس بقين " أي إن كان الشهر ثلاثين فاتفق أن جاء تسعا وعشرين فيكون يوم الخميس أول ذي الحجة بعد مضي أربع ليال لا خمس ، وبهذا تتفق الأخبار ، هكذا جمع الحافظ عماد الدين بن كثير بين الروايات ، وقوي هذا الجمع بقول جابر : " إنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة أو أربع " وكان دخوله - صلى الله عليه وسلم - مكة صبح رابعه كما ثبت في حديث عائشة ، وذلك يوم الأحد ، وهذا يؤيد أن خروجه من المدينة كان يوم السبت كما تقدم ، فيكون مكانه في الطريق ثمان ليال ، وهي المسافة الوسطى .

ثم ذكر المصنف في الباب سبعة عشر حديثا تقدم غالبها في كتاب الحج مشروحة ، وسأبين ذلك مع مزيد فائدة .

الحديث الأول حديث عائشة ، وقد تقدم شرحه مستوفى في باب التمتع والقران من كتاب الحج .

التالي السابق


الخدمات العلمية