صفحة جزء
باب إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم الآية

4287 حدثنا أحمد بن يونس أراه قال حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
قوله : باب قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ساق الآية إلى ( عظيم ) .

قوله : ( القرح الجراح ) هو تفسير أبي عبيدة ، وكذا أخرجه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير مثله ، وروى سعيد بن منصور بإسناد جيد عن ابن مسعود أنه قرأ " القرح " بالضم . قلت : وهي قراءة أهل الكوفة . وذكر أبو عبيد عن عائشة أنها قالت أقرأها بالفتح لا بالضم " قال الأخفش : القرح بالضم وبالفتح المصدر ، فالضم لغة أهل الحجاز والفتح لغة غيرهم كالضعف والضعف ، وحكى الفراء أنه بالضم الجرح وبالفتح ألمه ، وقال الراغب : القرح بالفتح أثر الجراحة وبالضم أثرها من داخل .

قوله : ( استجابوا أجابوا ، ويستجيب يجيب ) هو قول أبي عبيدة ، قال في قوله تعالى ( فاستجاب لهم ) أي أجابهم ، تقول العرب : استجبتك أي أجبتك ، قال كعب الغنوي :

وداع دعا يا من يجيب إلى الندى


فلم يستجبه عند ذاك مجيب

وقال في قوله تعالى ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي يجيب الذين آمنوا ، وهذه في سورة الشورى وإنما أوردها المصنف استشهادا للآية الأخرى .

( تنبيه ) :

لم يسق البخاري في هذا الباب حديثا ; وكأنه بيض له ، واللائق به حديث عائشة أنها قالت لعروة في هذه الآية " يا ابن أختي كان أبواك منهم : الزبير وأبو بكر " وقد تقدم في المغازي مع شرحه . وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال " لما رجع المشركون عن أحد قالوا : لا محمدا قتلتم ، [ ص: 77 ] ولا الكواعب ردفتم ، بئسما صنعتم ، فرجعوا ، فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد ، فبلغ المشركين فقالوا : نرجع من قابل ، فأنزل الله تعالى الذين استجابوا لله والرسول الآية " أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه ابن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره .

قوله : باب قوله الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم في رواية أبي ذر باب الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وزاد غيره " الآية " .

قوله : حدثنا أحمد بن يونس أراه قال حدثنا أبو بكر ) كذا وقع ، القائل " أراه " هو البخاري ، وهو بضم الهمزة بمعنى أظنه ، وكأنه عرض له شك في اسم شيخ شيخه ، وقد أخرجه الحاكم من طريق أحمد بن إسحاق " عن أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش " بإسناده المذكور بغير شك ، لكن وهم الحاكم في استدراكه .

قوله : ( عن أبي حصين ) بفتح المهملة واسمه عثمان بن عاصم ، ولأبي بكر بن عياش في هذا الحديث إسناد آخر أخرجه ابن مردويه من وجه آخر عنه عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فنزلت هذه الآية .

قوله : - صلى الله عليه وسلم - ( عن أبي الضحى ) اسمه مسلم بن صبيح بالتصغير .

قوله : قالها إبراهيم - عليه السلام - حين ألقي في النار ) في الرواية التي بعدها إن ذلك آخر ما قال وكذا وقع في رواية الحاكم المذكورة ، ووقع عند النسائي من طريق يحيى بن أبي بكير عن أبي بكر كذلك ، وعند أبي نعيم في " المستخرج " من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بهذا الإسناد " أنها أول ما قال " فيمكن أن يكون أول شيء وآخر شيء قال ، والله أعلم .

قوله : ( حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم ) فيه إشارة إلى ما أخرجه ابن إسحاق مطولا في هذه القصة ، وأن أبا سفيان رجع بقريش بعد أن توجه من أحد فلقيه معبد الخزاعي فأخبره أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في جمع كثير ، وقد اجتمع معه من كان تخلف عن أحد وندموا ، فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابه فرجعوا ، وأرسل أبو سفيان ناسا فأخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبا سفيان وأصحابه يقصدونهم فقال : حسبنا الله ونعم الوكيل . ورواه الطبري من طريق السدي نحوه ولم يسم معبدا قال " أعرابيا " ومن طريق ابن عباس موصولا لكن بإسناد لين قال " استقبل أبو سفيان عيرا واردة المدينة ومن طريق مجاهد أن ذلك كان من أبي سفيان في العام [ ص: 78 ] المقبل بعد أحد ، وهي غزوة بدر الموعد ، ورجح الطبري الأول . ويقال إن الرسول بذلك كان نعيم بن مسعود الأشجعي ، ثم أسلم نعيم فحسن إسلامه . قيل إطلاق الناس على الواحد لكونه من جنسهم كما قال فلان يركب الخيل وليس له إذ ذاك إلا فرس واحد . قلت : وفي صحة هذا المثال نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية