صفحة جزء
باب قوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ذوي الأمر

4308 حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية
[ ص: 102 ] قوله : باب أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ذوي الأمر كذا لأبي ذر ولغيره " أولي الأمر منكم ذوي الأمر " وهو تفسير أبي عبيدة قال ذلك في هذه الآية وزاد : والدليل على ذلك أن واحدها ذو أي واحد أولى لأنها لا واحد لها من لفظها .

قوله : حدثنا صدقة بن الفضل كذا للأكثر ، وفي رواية ابن السكن وحده عن الفربري عن البخاري " حدثنا سنيد " وهو ابن داود المصيصي واسمه الحسين وسنيد لقب ، وهو من حفاظ الحديث وله تفسير مشهور ، لكن ضعفه أبو حاتم والنسائي ، وليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع إن كان ابن السكن حفظه ، ويحتمل أن يكون البخاري أخرج الحديث عنهما جميعا ، واقتصر الأكثر على صدقة لإتقانه ، واقتصر ابن السكن على سنيد بقرينة التفسير ، وقد ذكر أحمد أن سنيدا ألزم حجاجا - يعني حجاج بن محمد شيخه في هذا الحديث إلا أنه كان يحمله على تدليس التسوية ، وعابه بذلك وكأن هذا هو السبب في تضعيف من ضعفه . والله أعلم .

قوله : ( عن يعلى بن مسلم ) في رواية الإسماعيلي من طريق حجاج عن ابن جريج " أخبرني يعلى بن مسلم " .

قوله : ( نزلت في عبد الله بن حذافة ) كذا ذكره مختصرا ، والمعنى نزلت في قصة عبد الله بن حذافة أي المقصود منها في قصته قوله : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية ، وقد غفل الداودي عن هذا المراد فقال : هذا وهم على ابن عباس ، فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فأوقدوا نارا وقال اقتحموها فامتنع بعض ، وهم بعض أن يفعل . قال : فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره ، وإن كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف ، وما قيل لهم لم لم تطيعوا ؟ انتهى . وبالحمل الذي قدمته يظهر المراد ، وينتفي الإشكال الذي أبداه ، لأنهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به ، وسببه أن الذين هموا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة ، والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار ، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله ، أي إن تنازعتم في جواز الشيء وعدم جوازه فارجعوا إلى الكتاب والسنة ، والله أعلم . وقد روى الطبري أن هذه الآية في قصة جرت لعمار بن ياسر مع خالد بن الوليد وكان خالد أميرا فأجار عمار رجلا بغير أمره فتخاصما فنزلت ، فالله أعلم . وقد تقدم شرح حال هذه السرية والاختلاف في اسم أميرها في المغازي بعد غزوة حنين بقليل . واختلف في المراد بأولي الأمر في الآية ، فعن أبي هريرة قال : هم الأمراء أخرجه الطبري بإسناد صحيح ، وأخرج عن ميمون بن مهران وغيره نحوه ، وعن جابر بن عبد الله قال : هم أهل العلم والخير ، وعن مجاهد وعطاء والحسن وأبي العالية : هم العلماء ، ومن وجه آخر أصح منه عن مجاهد قال : هم الصحابة ، وهذا أخص . وعن عكرمة قال : أبو بكر وعمر ، وهذا أخص من الذي قبله ، ورجح الشافعي الأول واحتج له بأن قريشا كانوا لا يعرفون الإمارة ولا ينقادون إلى أمير ، فأمروا بالطاعة لمن ولي الأمر ، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : من أطاع أميري فقد أطاعني متفق عليه ، واختار الطبري حملها على العموم وإن نزلت في سبب خاص ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية