صفحة جزء
باب إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وقال ابن عباس أسفل النار نفقا سربا

4326 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن الأسود قال كنا في حلقة عبد الله فجاء حذيفة حتى قام علينا فسلم ثم قال لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم قال الأسود سبحان الله إن الله يقول إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فتبسم عبد الله وجلس حذيفة في ناحية المسجد فقام عبد الله فتفرق أصحابه فرماني بالحصا فأتيته فقال حذيفة عجبت من ضحكه وقد عرف ما قلت لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرا منكم ثم تابوا فتاب الله عليهم
قوله : باب إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار كذا لأبي ذر ، وسقط لغيره " باب " .

قوله : ( قال ابن عباس أسفل النار ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : الدرك الأسفل أسفل النار . قال العلماء : عذاب المنافق أشد من عذاب الكافر لاستهزائه بالدين .

قوله : ( نفقا : سربا ) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به ، وهذه الكلمة [ ص: 116 ] ليست من سورة النساء ، وإنما هـي من سورة الأنعام ، ولعل مناسبة ذكرها هنا للإشارة إلى اشتقاق النفاق لأن النفاق إظهار غير ما يبطن ، كذا وجهه الكرماني ، وليس ببعيد مما قالوه في اشتقاق النفاق أنه من النافقاء وهو جحر اليربوع ، وقيل هو من النفق وهو السرب حكاه في النهاية .

قوله : ( إبراهيم ) هو النخعي ، والأسود خاله وهو ابن يزيد النخعي .

قوله : ( كنا في حلقة عبد الله ) يعني ابن مسعود .

قوله : ( فجاء حذيفة ) هو ابن اليمان .

قوله : ( لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم ) أي ابتلوا به لأنهم كانوا من طبقة الصحابة فهم خير من طبقة التابعين ، لكن الله ابتلاهم فارتدوا ونافقوا فذهبت الخيرية منهم ، ومنهم من تاب فعادت له الخيرية ، فكأن حذيفة حذر الذين خاطبهم وأشار لهم أن لا يغتروا فإن القلوب تتقلب ، فحذرهم من الخروج من الإيمان لأن الأعمال بالخاتمة ، وبين لهم أنهم وإن كانوا في غاية الوثوق بإيمانهم فلا ينبغي لهم أن يأمنوا مكر الله ، فإن الطبقة الذين من قبلهم وهم الصحابة كانوا خيرا منهم ، ومع ذلك وجد بينهم من ارتد ونافق ، فالطبقة التي هي من بعدهم أمكن من الوقوع في مثل ذلك . وقوله " فتبسم عبد الله " كأنه تبسم تعجبا من صدق مقالته .

قوله : ( فرماني ) أي حذيفة رمى الأسود يستدعيه إليه .

قوله : ( عجبت من ضحكه ) أي من اقتصاره على ذلك ، وقد عرف ما قلت أي فهم مرادي وعرف أنه الحق .

قوله : ( ثم تابوا فتاب الله عليهم ) أي رجعوا عن النفاق . ويستفاد من حديث حذيفة أن الكفر والإيمان والإخلاص والنفاق كل بخلق الله تعالى وتقديره وإرادته ، ويستفاد من قوله تعالى إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين صحة توبة الزنديق وقبولها على ما عليه الجمهور ، فإنها مستثناة من المنافقين من قوله : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وقد استدل بذلك جماعة منهم أبو بكر الرازي في أحكام القرآن ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية