صفحة جزء
باب وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا زمانا وجمعه أحقاب

4448 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار قال أخبرني سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل فقال ابن عباس كذب عدو الله حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال موسى يا رب فكيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به فقال له فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا فقال موسى ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا قال رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى ثوبا فسلم عليه موسى فقال الخضر وأنى بأرضك السلام قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه فقال موسى ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا فقال له الخضر فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى قوم قد حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأولى من موسى نسيانا قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله فقال له موسى أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال وهذه أشد من الأولى قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض قال مائل فقام الخضر فأقامه بيده فقال موسى قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك إلى قوله ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما قال سعيد بن جبير فكان ابن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين
[ ص: 262 ] [ ص: 263 ] قوله باب قوله : وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين اختلف في مكان مجمع البحرين ، فروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : بحر فارس والروم ، وعن الربيع بن أنس مثله أخرجه عبد بن حميد ، وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي قال : هما الكر والرس حيث يصبان في البحر . قال ابن عطية : مجمع البحرين ذراع في أرض فارس من جهة أذربيجان يخرج من البحر المحيط من شماليه إلى جنوبيه وطرفيه مما يلي بر الشام . وقيل هما بحر الأردن والقلزم . وقال محمد بن كعب القرظي : مجمع البحرين بطنجة . وعن ابن المبارك قال : قال بعضهم : بحر أرمينية . وعن أبي بن كعب قال : بإفريقية أخرجهما ابن أبي حاتم لكن السند إلى أبي بن كعب ضعيف . وهذا اختلاف شديد . وأغرب من ذلك ما نقله القرطبي عن ابن عباس قال : المراد بمجمع البحرين اجتماع موسى والخضر لأنهما بحرا علم ، وهذا غير ثابت ولا يقتضيه اللفظ ، وإنما يحسن أن يذكر في مناسبة اجتماعهما بهذا المكان المخصوص ، كما قال السهيلي : اجتمع البحران بمجمع البحرين .

قوله : ( أو أمضي حقبا زمانا ، وجمعه أحقاب ) هو قول أبي عبيدة قال : ويقال فيه أيضا حقبة أي بكسر أوله والجمع حقب . وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : الحقب الزمان . وعن ابن عباس : الحقب الدهر . وعن سعيد بن جبير : الحقب الحين أخرجهما ابن المنذر . وجاء تقديره عن غيرهم ، فروى ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه ثمانون سنة ، وروى عبد بن حميد عن مجاهد أنه سبعون . ثم ذكر المصنف قصة موسى والخضر ، وسأذكر شرح ذلك في الباب الذي يليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية