صفحة جزء
باب واصطنعتك لنفسي

4459 حدثنا الصلت بن محمد حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التقى آدم وموسى فقال موسى لآدم آنت الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة قال آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه وأنزل عليك التوراة قال نعم قال فوجدتها كتب علي قبل أن يخلقني قال نعم فحج آدم موسى
قوله : ( سورة طه - بسم الله الرحمن الرحيم ) قال عكرمة والضحاك : بالنبطية أي طه يا رجل ، كذا لأبي ذر والنسفي ، ولغيرهما قال ابن جبير أي سعيد ، فأما قول عكرمة في ذلك فوصله ابن أبي حاتم من رواية حصين بن عبد الرحمن عن عكرمة في قوله طه " أي طه يا رجل " وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس في قوله طه : " قال : هو كقولك يا محمد بالحبشية " وأما قول الضحاك فوصله الطبري من طريق قرة بن خالد عن الضحاك بن مزاحم في قوله طه : " قال : يا رجل بالنبطية " وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر قال : قال رجل من بني مازن : ما يخفى علي من القرآن شيء ، فقال له الضحاك : ما طه ؟ قال : اسم من أسماء الله تعالى ، قال : إنما هو بالنبطية يا رجل . وسيأتي الكلام على النبط في سورة الرحمن . وأما قول سعيد بن جبير فرويناه في " الجعديات " للبغوي ، وفي " مصنف ابن أبي شيبة " من طريق سالم الأفطس عنه مثل قول الضحاك ، وزاد الحارث في مسنده من هذا الوجه فيه ابن عباس ، وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وعن قتادة " قالا في قوله طه قال : [ ص: 286 ] يا رجل " وعند عبد بن حميد عن الحسن وعطاء مثله ، ومن طريق الربيع بن أنس قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى قام على رجل ورفع أخرى ، فأنزل الله تعالى طه ، أي طأ الأرض " ولابن مردويه من حديث علي نحوه بزيادة أن ذلك لطول قيام الليل ، وقرأت بخط الصدفي في هامش نسخته : بلغنا أن موسى - عليه السلام - حين كلمه الله قام على أطراف أصابعه خوفا ، فقال الله عز وجل طه أي اطمئن . وقال الخليل بن أحمد : من قرأ طه بفتح ثم سكون فمعناه يا رجل ، وقد قيل إنها لغة عك ، ومن قرأ بلفظ الحرفين فمعناه اطمئن أو طأ الأرض . قلت : جاء عن ابن الكلبي أنه لو قيل لعكي يا رجل لم يجب حتى يقال له طه . وقرأ بفتح ثم سكون الحسن وعكرمة ، وهي اختيار ورش ، وقد وجهوها أيضا على أنها فعل أمر من الوطء إما بقلب الهمزة ألفا أو بإبدالها هـاء ، فيوافق ما جاء عن الربيع بن أنس فإنه على قوله يكون قد أبدل الهمزة ألفا ولم يحذفها في الأمر نظرا إلى أصلها ، لكن في قراءة ورش حذف المفعول البتة ، وعلى ما نقل الربيع بن أنس يكون المفعول هو الضمير وهو للأرض ، وإن لم يتقدم لها ذكر لما دل عليه الفعل ، وعلى ما تقدم يكون اسما . وقد قيل إن طه من أسماء السورة كما قيل في غيرها من الحروف المقطعة .

قوله : ( وقال مجاهد ألقى صنع : أزري : ظهري ، فيسحتكم : يهلككم ) تقدم ذلك كله في قصة موسى من أحاديث الأنبياء .

قوله : ( المثلى : تأنيث الأمثل إلخ ) هو قول أبي عبيدة وقد تقدم شرحه في قصة موسى أيضا ، وكذلك قوله : فأوجس في نفسه خيفة وقوله : في جذوع النخل و ( خطبك ) و ( مساس ) و لننسفنه في اليم نسفا وكله كلام أبي عبيدة .

قوله : ( قاعا يعلوه الماء ، والصفصف المستوي من الأرض ) قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : القاع الصفصف الأرض المستوية ، وقال الفراء : القاع ما انبسط من الأرض ويكون فيه السراب نصف النهار ، والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه .

قوله : ( وقال مجاهد : أوزارا أثقالا ) ثبت هذا لأبي ذر ، وهو عند الفريابي من طريقه .

قوله : ( من زينة القوم : الحلي الذي استعاروا من آل فرعون ) وهو الأثقال ، وصله الفريابي أيضا ، وقد تقدم في قصة موسى . وروى الحاكم من حديث علي قال : " عمد السامري إلى ما قدر عليه من الحلي فضربه عجلا ، ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل له خوار " الحديث ، وفيه " فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد على شفير الماء فما شرب من ذلك أحد ممن كان عبد العجل إلا اصفر وجهه " وروى النسائي في الحديث الطويل الذي يقال له حديث الفتون عن ابن عباس قال : " لما توجه موسى لميقات ربه خطب هارون بني إسرائيل فقال : إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم ودائع وعواري ، وأنا أرى أن نحفر حفيرة ونلقي فيها ما كان عندكم من متاعهم فنحرقه ، وكان السامري من قوم يعبدون البقر وكان من جيران بني إسرائيل فاحتمل معهم فرأى أثرا فأخذ منه قبضة فمر بهارون فقال له : ألا تلقي ما في يدك ؟ فقال : لا ألقيها حتى تدعو الله أن يكون ما أريد ، فدعا له فألقاها فقال : أريد أن يكون عجلا له جوف يخور ، قال ابن عباس : ليس له روح ، كانت الريح تدخل من دبره وتخرج من فيه فكان الصوت من ذلك ، فتفرق بنو إسرائيل عند ذلك فرقا " الحديث بطوله .

[ ص: 287 ] قوله : ( فقذفتها ألقيتها ، ألقى صنع ، فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرب ، لا يرجع إليهم قولا : العجل ) تقدم كله في قصة موسى .

قوله : ( همسا حس الأقدام ) وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وعن قتادة قال : " صوت الأقدام " أخرجه عبد الرزاق ، وعن عكرمة قال : " وطء الأقدام " أخرجه عبد بن حميد ، وقال أبو عبيدة في قوله همسا قال : صوتا خفيا .

قوله ( حشرتني أعمى عن حجتي ، وقد كنت بصيرا في الدنيا ) وصله الفريابي من طريق مجاهد .

قوله : ( وقال ابن عباس بقبس ضلوا الطريق وكانوا شاتين إلخ ) وصله ابن عيينة من طريق عكرمة عنه وفي آخره " آتكم بنار توقدون " ووقع في رواية أبي ذر تدفئون .

قوله : ( وقال ابن عيينة : أمثلهم طريقة أعدلهم ) كذا هو في " تفسير ابن عيينة " وفي رواية للطبري عن سعيد بن جبير " أوفاهم عقلا " وفي أخرى عنه " أعلمهم في أنفسهم " .

قوله : ( وقال ابن عباس : هضما لا يظلم فيهضم من حسناته ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عياش في قوله : فلا يخاف ظلما ولا هـضما قال : لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته ولا يهضم فينقص من حسناته . وعن قتادة عند عبد بن حميد مثله .

قوله : ( عوجا واديا ، ولا أمتا رابية ) وصله ابن أبي حاتم أيضا عن ابن عباس ، وقال أبو عبيدة : العوج بكسر أوله ما اعوج من المسايل والأودية ، والأمت الانثناء ، يقال مد حبله حتى ما ترك فيه أمتا .

قوله : ( ضنكا الشقاء ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وللطبري عن عكرمة مثله ، ومن طريق قيس بن أبي حازم في قوله معيشة ضنكا قال : رزقا في معصية ، وصحح ابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا في قوله معيشة ضنكا قال : عذاب القبر ، أورده من وجهين مطولا ومختصرا ، وأخرجه سعيد بن منصور والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري موقوفا ومرفوعا ، والطبراني من حديث ابن مسعود ، ورجح الطبري هذا مستندا إلى قوله في آخر الآيات ولعذاب الآخرة أشد وأبقى وفي تفسير الضنك أقوال أخرى : قيل الضيق وهذا أشهرها ، ويقال إنها كلمة فارسية معناها الضيق وأصلها التنك بمثناة فوقانية بدل الضاد فعربت ، وقيل الحرام ، وقيل الكسب الخبيث .

قوله : ( هوى شقي ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة أيضا .

قوله : ( سيرتها : حالتها الأولى ، وقوله النهى : التقى ، بالوادي المقدس : المبارك ، طوى : اسم الوادي ) تقدم كله في أحاديث الأنبياء .

قوله : ( بملكنا . بأمرنا ، سوى : منصف بينهم ، يبسا : يابسا . على قدر : على موعد ) سقط هذا كله لأبي ذر ، وقد تقدم في قصة موسى أيضا .

قوله : ( يفرط : عقوبة ) قال أبو عبيدة ، في قوله : أن يفرط علينا قال : يقدم علينا بعقوبة ، وكل متقدم أو متعجل فارط .

[ ص: 288 ] قوله : ( ولا تنيا . لا تضعفا ) وصله عبد بن حميد من طريق قتادة مثله ، ومن طريق مجاهد كذلك ، ومن طريق أخرى ضعيفة عن مجاهد عن ابن عباس ، وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ( لا تنيا ) لا تبطئا .

قوله : باب واصطنعتك لنفسي وقع في رواية أبي أحمد الجرجاني " واصطفيتك " وهو تصحيف ، ولعلها ذكرت على سبيل التفسير .

وذكر في الباب حديث أبي هريرة في محاجة موسى وآدم عليهما السلام وسيأتي شرحه في كتاب القدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية