صفحة جزء
باب فلا يربو عند الله من أعطى عطية يبتغي أفضل منه فلا أجر له فيها قال مجاهد يحبرون ينعمون يمهدون يسوون المضاجع الودق المطر قال ابن عباس هل لكم مما ملكت أيمانكم في الآلهة وفيه تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا يصدعون يتفرقون فاصدع وقال غيره ضعف وضعف لغتان وقال مجاهد السوأى الإساءة جزاء المسيئين

4496 حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان حدثنا منصور والأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال بينما رجل يحدث في كندة فقال يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم يأخذ المؤمن كهيئة الزكام ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئا فغضب فجلس فقال من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين وإن قريشا أبطئوا عن الإسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان فجاءه أبو سفيان فقال يا محمد جئت تأمرنا بصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله فقرأ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين إلى قوله عائدون أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ثم عادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى يوم نبطش البطشة الكبرى يوم بدر و لزاما يوم بدر الم غلبت الروم إلى سيغلبون والروم قد مضى
قوله : ( سورة العنكبوت - بسم الله الرحمن الرحيم ) سقطت " سورة والبسملة " لغير أبي ذر .

قوله : ( وقال : مجاهد : وكانوا مستبصرين ضللة ) وصله ابن أبي حاتم من طريق شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا ، وقال : عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : معجبين بضلالتهم . وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن قتادة قال : كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها .

قوله : ( وقال غيره : الحيوان والحي واحد ) ثبت هذا لأبي ذر وحده ، وللأصيلي : الحيوان والحياة واحد ، وهو قول أبي عبيدة قال : الحيوان والحياة واحد وزاد : ومنه قولهم نهر الحيوان أي نهر الحياة ، وتقول حييت حيا ، والحيوان والحياة اسمان منه . وللطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " لهي الحيوان " قال : لا موت فيها .

قوله : ( فليعلمن الله ، علم الله ذلك إنما هي بمنزلة : فليميز الله . كقوله : ليميز الله الخبيث من الطيب ) وقال : أبو عبيدة في قوله تعالى : فليعلمن الله الذين آمنوا أي فليميزن الله ، لأن الله قد علم ذلك من قبل .

قوله : ( أثقالا مع أثقالهم : أوزارا مع أوزارهم ) هو قول أبي عبيدة أيضا . وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في هذه الآية قال : من دعا قوما إلى ضلالة فعليه مثل أوزارهم . ولابن أبي حاتم من وجه آخر عن قتادة قال : وليحملن أثقالهم أي أوزارهم وأثقالا مع أثقالهم : أوزار من أضلوا .

30 - سورة الروم فلا يربو من أعطى يبتغي أفضل فلا أجر له فيها . قال مجاهد يحبرون : ينعمون . يمهدون : يسوون المضاجع . الودق : المطر . قال ابن عباس هل لكم من ما ملكت أيمانكم في الآلهة ، وفيه تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا يصدعون : يتفرقون فاصدع . وقال غيره : ضعف وضعف لغتان . وقال مجاهد السوأى : الإساءة جزاء المسيئين .

[ ص: 371 ] قوله : ( سورة الروم - بسم الله الرحمن الرحيم ) سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر .

قوله : ( وقال : مجاهد يحبرون ينعمون ) وصله الفريابي من طريق أبي نجيح عن مجاهد في قوله : فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون أي ينعمون . ولابن أبي حاتم والطبري من طريق يحيى بن أبي كثير قال : لذة السماع ، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يحبرون قال : يكرمون .

قوله : ( فلا يربو : من أعطى يبتغي أفضل فلا أجر له فيها ) وصله الطبري من طريق ابن أبي مجاهد في قوله : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس قال : يعطي ماله يبتغي أفضل منه . وقال : عبد الرزاق عن عبد العزيز بن أبي رواد عن الضحاك في هذه الآية قال : هذا هو الربا الحلال يهدي الشيء ليثاب أفضل منه ، ذاك لا له ولا عليه . وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عبد العزيز وزاد : ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه خاصة . ومن طريق إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم قال : هذا في الجاهلية كان يعطي الرجل قرابته المال يكثر به ماله ، ومن طريق محمد بن كعب القرظي قال : هو الرجل يعطي الآخر الشيء ليكافئه به ويزاد عليه ، فلا يربو عند الله . ومن طريق الشعبي قال : هو الرجل يلصق بالرجل يخدمه ويسافر معه فيجعل له ربح بعض ما يتجر فيه ، وإنما أعطاه التماس عونه ولم يرد به وجه الله .

قوله : ( يمهدون : يسوون المضاجع ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : فلأنفسهم يمهدون قال : يسوون المضاجع .

قوله : ( الودق : المطر ) وصله الفريابي أيضا بالإسناد المذكور .

قوله : ( قال : ابن عباس : هل لكم مما ملكت أيمانكم في الآلهة وفيه تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا ) وصله الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية قال : هي في الآلهة وفيه يقول : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا ، والضمير في قوله : " فيه " لله تعالى أي أن المثل لله وللأصنام ، فالله المالك والأصنام مملوكة والمملوك لا يساوي المالك . ومن طريق أبي مجلز قال : إن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك وليس له ذلك كذلك الله لا شريك له . ولابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال : هذا مثل ضربه الله لمن عدل به شيئا من خلقه يقول : أكان أحد منكم مشاركا مملوكه في فراشه وزوجته ؟ وكذلك لا يرضى الله أن يعدل به أحد من خلقه .

قوله : ( يصدعون : يتفرقون ، فاصدع ) أما قوله يتفرقون فقال : أبو عبيدة في قوله يومئذ يصدعون أي : يتفرقون ، وأما قوله : فاصدع ، فيشير إلى قوله تعالى : فاصدع بما تؤمر وقد قال : أبو عبيدة أيضا في قوله : فاصدع بما تؤمر أي افرق وامضه ، وأصل الصدع الشق في الشيء ، وخصه الراغب بالشيء الصلب كالحديد تقول : صدعته فانصدع بالتخفيف وصدعته فتصدع بالتثقيل ، ومنه صداع الرأس لتوهم الاشتقاق فيه ، والمراد بقوله : اصدع أي فرق بين الحق والباطل بدعائك إلى الله عز وجل وافصل بينهما .

قوله : ( وقال : غيره : ضعف وضعف لغتان ) هو قول الأكثر ، وقرئ بهما ، فالجمهور بالضم وقرأ عاصم وحمزة بالفتح في الألفاظ الثلاثة . وقال : الخليل : الضعف بالضم ما كان في الجسد وبالفتح ما كان في العقل .

قوله : ( وقال : مجاهد : السوأى : الإساءة جزاء المسيئين ) وصله الفريابي ، واختلف في ضبط الإساءة فقيل : [ ص: 372 ] بكسر الهمزة والمد ، وجوز ابن التين فتح أوله ممدودا ومقصورا وهو من آسى أي حزن ، وللطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى أن كذبوا أي : الذين كفروا جزاؤهم العذاب . ثم ذكر المصنف حديث ابن مسعود في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش بالسنين وسؤالهم له الدعاء برفع القحط ، وقد تقدم شرح ذلك في الاستسقاء ، ويأتي ما يتعلق بالذي وقع في صدر الحديث من الدخان في تفسير سورة الدخان إن شاء الله تعالى .

وقوله : " إن من العلم أن يقول لما لا يعلم : لا أعلم " أي أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم ، وهذا مناسب لما اشتهر من أن " لا أدري " نصف العلم ، ولأن القول فيما لا يعلم قسم من التكلف .

التالي السابق


الخدمات العلمية