صفحة جزء
باب إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات

4609 حدثنا إسحاق حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه أخبرني عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك إلى قوله غفور رحيم قال عروة قالت عائشة فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتك كلاما ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما يبايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك تابعه يونس ومعمر وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري وقال إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة وعمرة
[ ص: 505 ] قوله : باب إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات اتفقوا على نزولها بعد الحديبية ، وأن سببها ما تقدم من الصلح بين قريش والمسلمين على أن من جاء من قريش إلى المسلمين يردونه إلى قريش ، ثم استثنى الله من ذلك النساء بشرط الامتحان .

قوله : ( حدثني إسحاق أنبأنا يعقوب ) في رواية غير أبي ذر " حدثنا يعقوب " فأما إسحاق فهو ابن منصور وكلام أبي نعيم يشعر بأنه ابن إبراهيم ، وأما يعقوب بن إبراهيم فهو ابن سعد ، وابن أخي ابن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم .

قوله : ( قال عروة قالت عائشة ) هو موصول بالإسناد المذكور ، وسيأتي الكلام على شرحه في أواخر النكاح إن شاء الله تعالى .

قوله : ( قد بايعتك كلاما ) أي يقول ذلك كلاما فقط ، لا مصافحة باليد كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة .

قوله : ( ولا والله ) فيه القسم لتأكيد الخبر ، وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية . فعند ابن خزيمة وابن حبان والبزار والطبري وابن مردويه من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة قال : " فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ثم قال : اللهم اشهد " وكذا الحديث الذي بعده حيث قال فيه " قبضت منا امرأة يدها " فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن ، ويمكن الجواب عن الأول بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة ، وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول ، أو كانت المبايعة تقع بحائل ، فقد روى أبو داود في " المراسيل " عن الشعبي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال : لا أصافح النساء " وعند عبد الرزاق من طريق إبراهيم النخعي مرسلا نحوه ، وعند سعيد بن منصور من طريق قيس بن أبي حازم كذلك ، وأخرج ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه عن أبان بن صالح أنه - صلى الله عليه وسلم - " كان يغمس يده في إناء ، وتغمس المرأة يدها فيه " ويحتمل التعدد . وقد أخرج الطبراني أنه بايعهن بواسطة عمر ، وروى النسائي والطبري من طريق محمد بن المنكدر " أن أميمة بنت رقيقة - بقافين مصغر - أخبرته أنها دخلت في نسوة تبايع ، فقلن يا رسول الله ابسط يدك نصافحك ، قال : إني لا أصافح النساء ، ولكن سآخذ عليكن ، فأخذ علينا حتى بلغ : ولا يعصينك في معروف ، فقال : فيما طقتن واستطعتن ، فقلن : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا " وفي رواية الطبري " ما قولي لمائة امرأة إلا كقولي لامرأة واحدة " وقد جاء في أخبار أخرى أنهن كن يأخذن بيده عند المبايعة من فوق ثوب أخرجه يحيى بن سلام في تفسيره عن الشعبي ، وفي المغازي لابن إسحاق عن أبان بن صالح " أنه كان يغمس يده في إناء فيغمسن أيديهن فيه " .

قوله : ( تابعه يونس ومعمر وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري ) أما متابعة يونس فيأتي الكلام عليها في كتاب الطلاق ، وأما متابعة معمر فوصلها المؤلف في الأحكام ، أما متابعة عبد الرحمن بن إسحاق فوصلها ابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عنه .

قوله : ( وقال إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة وعمرة ) يعني عن عائشة ، جمع بينهما ، وصله الذهلي في " الزهريات " عن عتاب بن بشير عن إسحاق بن راشد به ، وفي هذا الحديث أن المحنة المذكورة في قوله [ ص: 506 ] " فامتحنوهن " هي أن يبايعهن بما تضمنته الآية المذكورة . وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه - صلى الله عليه وسلم - " كان يمتحن من هاجر من النساء : بالله ما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ورسوله " وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه وزاد " ولا خرج بك عشق رجل منا ، ولا فرار من زوجك " ، وعند ابن مردويه وابن أبي حاتم والطبراني من حديث ابن عباس نحوه وسنده ضعيف ، ويمكن الجمع بين التحليف والمبايعة والله أعلم . وذكر الطبري وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن المرأة من المشركين كانت إذا غضبت على زوجها قالت : والله لأهاجرن إلى محمد ، فنزلت " فامتحنوهن " .

التالي السابق


الخدمات العلمية