صفحة جزء
باب يوم يقوم الناس لرب العالمين

4654 حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا معن قال حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه
قوله : ( سورة إذا الشمس كورت - بسم الله الرحمن الرحيم ) سقطت البسملة لغير أبي ذر ، ويقال لها أيضا سورة التكوير .

[ ص: 563 ] قوله : ( سجرت : يذهب ماؤها فلا يبقى قطرة ) تقدم في تفسير سورة الطور ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بهذا .

قوله : ( وقال مجاهد : المسجور : المملوء ) تقدم في تفسير سورة الطور أيضا .

قوله : ( وقال غيره : سجرت : أفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا ) هو معنى قول السدي ، أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه بلفظ : وإذا البحار سجرت أي : فتحت وسيرت .

قوله : ( انكدرت : انتثرت ) قال الفراء في قوله تعالى : وإذا النجوم انكدرت يريد انتثرت ، وقعت في وجه الأرض . وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : وإذا النجوم انكدرت قال : تناثرت .

قوله : ( كشطت أي : غيرت ، وقرأ عبد الله قشطت ، مثل الكافور والقافور ، والقسط والكسط ) ثبت هذا للنسفي وحده وذكره غيره في الطب ، وهو قول الفراء ، قال في قوله تعالى وإذا السماء كشطت يعني نزعت وطويت ، وفي قراءة عبد الله - يعني ابن مسعود - قشطت بالقاف ، والمعنى واحد ، والعرب تقول القافور والكافور والقسط والكسط ، إذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا في اللغة كما يقال حدث وحدت والأتاني والأثاني .

قوله : ( والخنس : تخنس في مجراها ترجع ، وتكنس : تستتر في بيوتها كما تكنس الظباء ) قال الفراء في قوله فلا أقسم بالخنس : وهي النجوم الخمسة تخنس في مجراها ترجع ، وتكنس تستتر في بيوتها كما تكنس الظباء في المغاير وهي الكناس ، قال : والمراد بالنجوم الخمسة بهرام وزحل وعطارد والزهرة والمشتري ، وأسند هذا الكلام ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي ميسرة عن عمرو بن شرحبيل قال : قال لي ابن مسعود ما الخنس ؟ قال : قلت : أظنه بقر الوحش . قال : وأنا أظن ذلك . وعن معمر عن الحسن قال : هي النجوم تخنس بالنهار ، والكنس تسترهن إذا غبن . قال : وقال بعضهم : الكنس الظباء . وروى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن علي قال : هن الكواكب تكنس بالليل وتخنس بالنهار فلا ترى . ومن طريق مغيرة قال : سئل مجاهد عن هذه الآية فقال : لا أدري . فقال إبراهيم : لم لا تدري ؟ قال : سمعنا أنها بقر الوحش ، وهؤلاء يروون عن علي أنها النجوم . قال : إنهم يكذبون على علي . وهذا كما يقولون إن عليا قال : لو أن رجلا وقع من فوق بيت على رجل فمات الأعلى ضمن الأسفل .

قوله : ( تنفس : ارتفع النهار ) هو قول الفراء أيضا .

قوله : ( والظنين : المتهم والضنين : يضن به ) هو قول أبي عبيدة ، وأشار إلى القراءتين ، فمن قرأها بالظاء المشالة فمعناها ليس بمتهم ، ومن قرأها بالساقطة فمعناها البخيل . وروى الفراء عن قيس بن الربيع عن عاصم عن ورقاء قال : أنتم تقرءون بضنين : ببخيل ، ونحن نقرأ بظنين : بمتهم . وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي قال : الظنين : المتهم ، والضنين : البخيل . وروى ابن أبي حاتم بسند صحيح : كان ابن عباس يقرأ بضنين ، قال : والضنين والظنين سواء ، يقول ما هو بكاذب ، والظنين المتهم والضنين البخيل .

قوله : ( وقال عمر : النفوس زوجت : يزوج نظيره من أهل الجنة والنار . ثم قرأ : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) وصله عبد بن حميد والحاكم وأبو نعيم في " الحلية " وابن مردويه من طريق الثوري وإسرائيل وحماد بن سلمة وشريك كلهم عن سماك بن حرب سمعت النعمان بن بشير سمعت عمر يقول في قوله : وإذا النفوس زوجت : [ ص: 564 ] هو الرجل يزوج نظيره من أهل الجنة ، والرجل يزوج نظيره من أهل النار . ثم قرأ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وهذا إسناد متصل صحيح ، ولفظ الحاكم : هما الرجلان يعملان العمل يدخلان به الجنة والنار : الفاجر مع الفاجر والصالح مع الصالح . وقد رواه الوليد بن أبي ثور عن سماك بن حرب فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقصر به فلم يذكر فيه عمر ، جعله من مسند النعمان ، أخرجه ابن مردويه ، وأخرجه أيضا ، من وجه آخر عن الثوري كذلك ، والأول هو المحفوظ . وأخرج الفراء من طريق عكرمة قال : يقرن الرجل بقرينه الصالح في الدنيا ، ويقرن الرجل الذي كان يعمل السوء في الدنيا بقرينه الذي كان يعينه في النار .

قوله : ( عسعس : أدبر ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بهذا ، وقال أبو عبيدة : قال بعضهم : عسعس : أقبلت ظلماؤه . وقال بعضهم : بل معناه ولى ، لقوله بعد ذلك والصبح إذا تنفس . وروى أبو الحسن الأثرم بسند له عن عمر قال : إن شهرنا قد عسعس ، أي أدبر . وتمسك من فسره بأقبل بقوله تعالى والصبح إذا تنفس قال الخليل : أقسم بإقبال الليل وإدباره .

( تنبيه ) : لم يورد فيها حديثا مرفوعا ، وفيها حديث جيد أخرجه أحمد والترمذي والطبراني وصححه الحاكم من حديث ابن عمر رفعه من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت " لفظ أحمد .

82 - سورة ( إذا السماء انفطرت بسم الله الرحمن الرحيم وقال الربيع بن خثيم : فجرت : فاضت . وقرأ الأعمش وعاصم فعدلك بالتخفيف ، وقرأه أهل الحجاز بالتشديد ، وأراد معتدل الخلق . ومن خفف يعني في أي صورة شاء : إما حسن وإما قبيح ، أو طويل أو قصير .

قوله : ( سورة إذا السماء انفطرت - بسم الله الرحمن الرحيم ) ويقال لها أيضا سورة الانفطار .

قوله : ( انفطارها انشقاقها ) ثبت هذا للنسفي وحده وهو قول الفراء .

قوله : ( ويذكر عن ابن عباس بعثرت يخرج من فيها من الموتى ) ثبت هذا أيضا للنسفي وحده ، وهو قول الفراء أيضا ، وقد أخرج ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : بعثرت أي بحثت .

قوله : ( وقال غيره : انتثرت . بعثرت حوضي : جعلت أسفله أعلاه ) ثبت هذا للنسفي أيضا وحده وتقدم في الجنائز .

قوله : ( وقال الربيع بن خثيم : فجرت : فاضت ) قال عبد بن حميد حدثنا مؤمل وأبو نعيم قالا : حدثنا سفيان هو ابن سعيد الثوري عن أبيه عن أبي يعلى هو منذر الثوري عن الربيع بن خثيم به ، قال عبد الرزاق : أنبأنا الثوري مثله وأتم منه ، والمنقول عن الربيع " فجرت " بتخفيف الجيم وهو اللائق بتفسيره المذكور .

قوله : ( وقرأ الأعمش وعاصم فعدلك بالتخفيف ، وقرأه أهل الحجاز بالتشديد ) قلت : قرأ أيضا بالتخفيف حمزة والكسائي وسائر الكوفيين ، وقرأ أيضا بالتثقيل من عداهم من قرأة الأمصار .

قوله : ( وأراد معتدل الخلق ، ومن خفف يعني في أي صورة شاء : إما حسن وإما قبيح أو طويل أو قصير ) هو قول الفراء بلفظه إلى قوله بالتشديد ، ثم قال : فمن قرأ بالتخفيف فهو والله أعلم يصرفك في أي صورة شاء إما حسن إلخ ، ومن شدد فإنه أراد والله أعلم جعلك معتدلا معتدل الخلق . قال : وهو أجود القراءتين [ ص: 565 ] في العربية وأحبهما إلي . وحاصل القراءتين أن التي بالتثقيل من التعديل ، والمراد التناسب ، وبالتخفيف من العدل وهو الصرف إلى أي صفة أراد .

( تنبيه ) : لم يورد فيها حديثا مرفوعا ، ويدخل فيها حديث ابن عمر المنبه عليه في التي قبلها .

83 - سورة ( ويل للمطففين بسم الله الرحمن الرحيم وقال مجاهد : ران ثبت الخطايا . ثوب : جوزي . الرحيق : الخمر . ختامه مسك : طينه . ( التسنيم : يعلو شراب أهل الجنة . وقال غيره : المطفف لا يوفي غيره يوم يقوم الناس لرب العالمين .

قوله : ( سورة ويل للمطففين - بسم الله الرحمن الرحيم ) سقطت البسملة لغير أبي ذر . أخرج النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس . قال : " لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله ويل للمطففين فأحسنوا الكيل بعد ذلك .

قوله : ( وقال مجاهد : بل ران : ثبت الخطايا ) وصله الفريابي ، وروينا في " فوائد الديباجي " من طريق عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : بل ران على قلوبهم قال : ثبتت على قلوبهم الخطايا حتى غمرتها انتهى . والران والرين : الغشاوة ، وهو كالصدى على الشيء الصقيل . وروى ابن حبان والحاكم والترمذي والنسائي من طريق القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه ، فإن هو نزع واستغفر صقلت ، فإن هو عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه ، فهو الران الذي ذكر الله تعالى كلا بل ران على قلوبهم . وروينا في المحامليات " من طريق الأعمش عن مجاهد قال : كانوا يرون الرين هو الطبع .

( تنبيه ) : قول مجاهد هذا " ثبت " بفتح المثلثة والموحدة بعدها مثناة ، ويجوز تسكين ثانيه .

قوله : ( ثوب : جوزي ) هو قول أبي عبيدة ، ووصله الفريابي عن مجاهد أيضا .

قوله : ( الرحيق : الخمر ، ختامه مسك : طينه . التسنيم : يعلو شراب أهل الجنة ) ثبت هذا للنسفي وحده ، وتقدم في بدء الخلق .

قوله : ( وقال غيره المطفف لا يوفي غيره ) هو قول أبي عبيدة .

قوله : ( حدثنا معن ) هو ابن عيسى .

قوله : ( حدثني مالك ) هذا الحديث من غرائب حديث مالك ، وليس هو في " الموطأ " ، وقد تابع معن بن عيسى عليه عبد الله بن وهب أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم ، والوليد بن مسلم وإسحاق القروي وسعيد بن الزبير وعبد العزيز بن يحيى أخرجها الدارقطني في " الغرائب " كلهم عن مالك .

[ ص: 566 ] قوله : يوم يقوم الناس لرب العالمين زاد في رواية ابن وهب " يوم القيامة " .

قوله : ( في رشحه ) بفتحتين أي عرقه لأنه يخرج من البدن شيئا بعد شيء كما يرشح الإناء المتحلل الأجزاء . ووقع في رواية سعيد بن داود " حتى إن العرق يلجم أحدهم إلى أنصاف أذنيه " .

قوله : ( إلى أنصاف أذنيه ) هو من إضافة الجميع إلى الجميع حقيقة ومعنى ، لأن لكل واحد أذنين . وقد روى مسلم من حديث المقداد بن الأسود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق : فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما .

84 - سورة ( إذا السماء انشقت ) قال مجاهد : كتابه بشماله : يأخذ كتابه من وراء ظهره . وسق : جمع من دابة . ظن أن لن يحور : لا يرجع إلينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية