صفحة جزء
4714 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق بن سلمة قال خطبنا عبد الله بن مسعود فقال والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم قال شقيق فجلست في الحلق أسمع ما يقولون فما سمعت رادا يقول غير ذلك
الحديث الثاني قوله : ( حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي ) كذا للأكثر ، وحكى الجياني أنه وقع في رواية الأصيلي عن [ ص: 665 ] الجرجاني " حدثنا حفص بن عمر حدثنا أبي " وهو خطأ مقلوب ، وليس لحفص بن عمر أب يروي عنه في الصحيح ، وإنما هو عمر بن حفص بن غياث بالغين المعجمة والتحتانية والمثلثة ، وكان أبوه قاضي الكوفة ، وقد أخرج أبو نعيم الحديث المذكور في " المستخرج " من طريق سهل بن بحر عن عمر بن حفص بن غياث ونسبه ثم قال : أخرجه البخاري عن عمر بن حفص .

قوله : ( حدثنا شقيق بن سلمة ) في رواية مسلم والنسائي جميعا عن إسحاق عن عبدة عن الأعمش عن أبي وائل وهو شقيق المذكور ، وجاء عن الأعمش فيه شيخ آخر أخرجه النسائي عن الحسن بن إسماعيل عن عبدة بن سليمان عنه عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود ، فإن كان محفوظا احتمل أن يكون للأعمش فيه طريقان ، وإلا فإسحاق وهو ابن راهويه أتقن من الحسن بن إسماعيل ، مع أن المحفوظ عن أبي إسحاق فيه ما أخرجه أحمد وابن أبي داود من طريق الثوري وإسرائيل وغيرهما عن أبي إسحاق عن خمير بالخاء المعجمة مصغر عن ابن مسعود ، فحصل الشذوذ في رواية الحسن بن إسماعيل في موضعين .

قوله : ( خطبنا عبد الله بن مسعود فقال : والله لقد أخذت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعا وسبعين سورة ) زاد عاصم عن بدر عن عبد الله " وأخذت بقية القرآن عن أصحابه " وعند إسحاق بن راهويه في روايته المذكورة في أوله ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم قال : على قراءة من تأمرونني أن أقرأ وقد قرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! فذكر الحديث . وفي رواية النسائي وأبي عوانة وابن أبي داود من طريق ابن شهاب عن الأعمش عن أبي وائل قال : " خطبنا عبد الله بن مسعود على المنبر فقال : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة غلوا مصاحفكم ، وكيف تأمرونني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله " وفي رواية خمير بن مالك المذكورة بيان السبب في قول ابن مسعود هذا ولفظه " لما أمر بالمصاحف أن تغير ساء ذلك عبد الله بن مسعود فقال : من استطاع - وقال في آخره - أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفي رواية له فقال : " إني غال مصحفي ، فمن استطاع أن يغل مصحفه فليفعل " وعند الحاكم من طريق أبي ميسرة قال : " رحت فإذا أنا بالأشعري وحذيفة وابن مسعود ، فقال ابن مسعود : والله لا أدفعه - يعني مصحفه أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره .

قوله : ( والله لقد علم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني من أعلمهم بكتاب الله ) وقع في رواية عبدة وأبي شهاب جميعا عن الأعمش " أني أعلمهم بكتاب الله " بحذف " من " وزاد " ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه " وهذا لا ينفي إثبات " من " فإنه نفى الأغلبية ولم ينف المساواة ، وسيأتي مزيد لذلك في الحديث الرابع .

قوله : ( وما أنا بخيرهم ) يستفاد منه أن الزيادة في صفة من صفات الفضل لا تقتضي الأفضلية المطلقة ، فالأعلمية بكتاب الله لا تستلزم الأعلمية المطلقة ، بل يحتمل أن يكون غيره أعلم منه بعلوم أخرى فلهذا قال : " وما أنا بخيرهم " وسيأتي في هذا بحث في " باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه " إن شاء الله تعالى .

قوله : ( قال شقيق ) أي بالإسناد المذكور : ( فجلست في الحلق ) بفتح المهملة واللام ( فما سمعت رادا يقول غير ذلك ) يعني لم يسمع من يخالف ابن مسعود يقول غير ذلك ، أو المراد من يرد قوله ذلك . ووقع في [ ص: 666 ] رواية مسلم " قال شقيق فجلست في حلق أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فما سمعت أحدا يرد ذلك ولا يعيبه " وفي رواية أبي شهاب " فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق فما أحد ينكر ما قال : " وهذا يخصص عموم قوله " أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - " بمن كان منهم بالكوفة ولا يعارض ذلك ما أخرجه ابن أبي داود من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود فذكر نحو حديث الباب وفيه " قال الزهري : فبلغني أن ذلك كرهه من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لأنه محمول على أن الذين كرهوا ذلك من غير الصحابة الذين شاهدهم شقيق بالكوفة ، ويحتمل اختلاف الجهة . فالذي نفى شقيق أن أحدا رده أو عابه وصف ابن مسعود بأنه أعلمهم بالقرآن ، والذي أثبته الزهري ما يتعلق بأمره بغل المصاحف ، وكأن مراد ابن مسعود بغل المصاحف كتمها وإخفاؤها لئلا تخرج فتعدم وكأن ابن مسعود رأى خلاف ما رأى عثمان ومن وافقه في الاقتصار على قراءة واحدة وإلغاء ما عدا ذلك ، أو كان لا ينكر الاقتصار لما في عدمه من الاختلاف ، بل كان يريد أن تكون قراءته هي التي يعول عليها دون غيرها لما له من المزية في ذلك مما ليس لغيره كما يؤخذ ذلك من ظاهر كلامه ، فلما فاته ذلك ورأى أن الاقتصار على قراءة زيد ترجيح بغير مرجح عنده اختار استمرار القراءة على ما كانت عليه ، على أن ابن أبي داود ترجم " باب رضى ابن مسعود بعد ذلك بما صنع عثمان " لكن لم يورد ما يصرح بمطابقة ما ترجم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية