صفحة جزء
باب فضل القرآن على سائر الكلام

4732 حدثنا هدبة بن خالد أبو خالد حدثنا همام حدثنا قتادة حدثنا أنس بن مالك عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها
[ ص: 684 ] قوله : ( باب فضل القرآن على سائر الكلام ) هذه الترجمة لفظ حديث أخرج الترمذي معناه من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقول الرب عز وجل : من شغله القرآن عن ذكري وعن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ورجاله ثقات إلا عطية العوفي ففيه ضعف ؛ وأخرجه ابن عدي من رواية شهر بن حوشب عن أبي هريرة مرفوعا فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ، وفي إسناده عمر بن سعيد الأشج وهو ضعيف ، وأخرجه ابن الضريس من وجه آخر عن شهر بن حوشب مرسلا ورجاله لا بأس بهم ، وأخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده من حديث عمر بن الخطاب وفي إسناده صفوان بن أبي الصهباء مختلف فيه ، وأخرجه ابن الضريس أيضا من طريق الجراح بن الضحاك عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رفعه خيركم من تعلم القرآن وعلمه - ثم قال : - وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه وذلك أنه منه وحديث عثمان هذا سيأتي بعد أبواب بدون هذه الزيادة ، وقد بين العسكري أنها من قول أبي عبد الرحمن السلمي ، وقال المصنف في خلق أفعال العباد " وقال أبو عبد الرحمن السلمي " فذكره ، وأشار في خلق أفعال العباد إلى أنه لا يصح مرفوعا ، وأخرجه العسكري أيضا عن طاوس والحسن من قولهما . ثم ذكر المصنف في الباب حديثين :

أحدهما : حديث أبي موسى .

قوله : ( مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة ) بضم الهمزة والراء بينهما مثناة ساكنة وآخره جيم ثقيلة ، وقد تخفف . ويزاد قبلها نون ساكنة ، ويقال بحذف الألف مع الوجهين ، فتلك أربع لغات وتبلغ مع التخفيف إلى ثمانية .

قوله : ( طعمها طيب وريحها طيب ) قيل : خص صفة الإيمان بالطعم وصفة التلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن ؛ إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة ، وكذلك الطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريح الجوهر ويبقى طعمه ، ثم قيل : الحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب [ ص: 685 ] الطعم والريح كالتفاحة لأنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصية ، ويستخرج من حبها دهن له منافع وقيل إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج فناسب أن يمثل به القرآن الذي لا تقربه الشياطين ، وغلاف حبه أبيض فيناسب قلب المؤمن ، وفيها أيضا من المزايا كبر جرمها وحسن منظرها وتفريح لونها ولين ملمسها ، وفي أكلها مع الالتذاذ طيب نكهة ودباغ معدة وجودة هضم ، ولها منافع أخرى مذكورة في المفردات . ووقع في رواية شعبة عن قتادة كما سيأتي بعد أبواب المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به وهي زيادة مفسرة للمراد وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر ونهي لا مطلق التلاوة ، فإن قيل لو كان كذلك لكثر التقسيم كأن يقال الذي يقرأ ويعمل وعكسه والذي يعمل ولا يقرأ وعكسه ، والأقسام الأربعة ممكنة في غير المنافق وأما المنافق فليس له إلا قسمان فقط لأنه لا اعتبار بعمله إذا كان نفاقه نفاق كفر ، وكأن الجواب عن ذلك أن الذي حذف من التمثيل قسمان : الذي يقرأ ولا يعمل ، والذي لا يعمل ولا يقرأ ، وهما شبيهان بحال المنافق فيمكن تشبيه الأول بالريحانة والثاني بالحنظلة فاكتفي بذكر المنافق ، والقسمان الآخران قد ذكرا .

قوله : ( ولا ريح فيها ) في رواية شعبة : " لها " .

قوله : ( ومثل الفاجر الذي يقرأ ) في رواية شعبة " ومثل المنافق " في الموضعين .

قوله : ( ولا ريح لها ) في رواية شعبة " وريحها مر " واستشكلت هذه الرواية من جهة أن المرارة من أوصاف الطعوم فكيف يوصف بها الريح ؟ وأجيب بأن ريحها لما كان كريها استعير له وصف المرارة ، وأطلق الزركشي هنا أن هذه الرواية وهم وأن الصواب ما في رواية هذا الباب " ولا ريح لها " ثم قال في كتاب الأطعمة لما جاء فيه : " ولا ريح لها " هذا أصوب من رواية الترمذي " طعمها مر وريحها مر " ثم ذكر توجيهها وكأنه ما استحضر أنها في هذا الكتاب وتكلم عليها فلذلك نسبها للترمذي . وفي الحديث فضيلة حاملي القرآن ، وضرب المثل للتقريب للفهم ، وأن المقصود من تلاوة القرآن العمل بما دل عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية