صفحة جزء
باب اتخاذ السراري ومن أعتق جاريته ثم تزوجها

4795 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا صالح بن صالح الهمداني حدثنا الشعبي قال حدثني أبو بردة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران وأيما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران وأيما مملوك أدى حق مواليه وحق ربه فله أجران قال الشعبي خذها بغير شيء قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة وقال أبو بكر عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها ثم أصدقها
قوله ( باب اتخاذ السراري ) جمع سرية بضم السين وكسر الراء الثقيلة ثم تحتانية ثقيلة وقد تكسر السين أيضا سميت بذلك لأنها مشتقة من التسرر ، وأصله من السر وهو من أسماء الجماع ، ويقال له الاستسرار أيضا ، أو أطلق عليها ذلك لأنها في الغالب يكتم أمرها عن الزوجة . والمراد بالاتخاذ الاقتناء ، وقد ورد الأمر بذلك صريحا في حديث أبي الدرداء مرفوعا عليكم بالسراري فإنهن مباركات الأرحام أخرجه الطبراني وإسناده واه ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا أنكحوا أمهات الأولاد فإني أباهي بكم يوم القيامة وإسناده أصلح من الأول . لكنه ليس بصريح في التسري .

قوله ( ومن أعتق جارية ثم تزوجها ) عطف هذا الحكم على الاقتناء لأنه قد يقع بعد التسري وقبله ، وأول أحاديث الباب منطبق على هذا الشق الثاني . ثم ذكر في الباب ثلاثة أحاديث . الأول حديث أبي موسى ، وقد [ ص: 30 ] تقدم شرحه في كتاب العلم . وقوله في هذه الطريق " أيما رجل كانت عنده وليدة " أي أمة ، وأصلها ما ولد من الإماء في ملك الرجل ، ثم أطلق ذلك على كل أمة .

قوله ( فله أجران ) ذكر ممن يحصل لهم تضعيف الأجر مرتين ثلاثة أصناف : متزوج الأمة بعد عتقها ، ومؤمن أهل الكتاب وقد تقدم البحث فيه في كتاب العلم ، والمملوك الذي يؤدي حق الله وحق مواليه وقد تقدم في العتق . ووقع في حديث أبي أمامة رفعه عند الطبراني " أربعة يؤتون أجرهم مرتين " فذكر الثلاثة كالذي هنا وزاد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقدم في التفسير حديث الماهر بالقرآن ، والذي يقرأ وهو عليه شاق ، وحديث زينب امرأة ابن مسعود في التي تتصدق على قريبها لها أجران أجر الصدقة وأجر الصلة ، وقد تقدم في الزكاة . وحديث عمرو بن العاص في الحاكم إذا أصاب له أجران وسيأتي في الأحكام ; وحديث جرير " من سن سنة حسنة " وحديث أبي هريرة " من دعا إلى هدى " وحديث أبي مسعود " من دل على خير " والثلاثة بمعنى وهن في الصحيحين . ومن ذلك حديث أبي سعيد في الذي تيمم ثم وجد الماء فأعاد الصلاة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " لك الأجر مرتين " أخرجه أبو داود . وقد يحصل بمزيد التتبع أكثر من ذلك . وكل هذا دال على أن لا مفهوم للعدد المذكور في حديث أبي موسى . وفيه دليل على مزيد فضل من أعتق أمته ثم تزوجها سواء أعتقها ابتداء لله أو لسبب .

وقد بالغ قوم فكرهوه فكأنهم لم يبلغهم الخبر ، فمن ذلك ما وقع في رواية هشيم عن صالح بن صالح الراوي المذكور وفيه قال " رأيت رجلا من أهل خراسان سأل الشعبي فقال : إن من قبلنا من أهل خراسان يقولون في الرجل إذا أعتق أمته ثم تزوجها فهو كالراكب بدنته . فقال الشعبي " فذكر هذا الحديث . وأخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن ابن مسعود أنه كان يقول ذلك ، وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر مثله : وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أنس أنه سئل عنه فقال " إذا أعتق أمته لله فلا يعود فيها " ومن طريق سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي أنهما كرها ذلك . وأخرج أيضا من طريق عطاء والحسن أنهما كانا لا يريان بذلك بأسا .

قوله ( وقال أبو بكر ) هو ابن عياش بتحتانية وآخره معجمة ، وأبو حصين هو عثمان بن عاصم ( عن أبي بردة ) هو ابن أبي موسى . وهذا الإسناد مسلسل بالكوفيين وبالكنى .

قوله ( عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها ثم أصدقها ) كأنه أشار بهذه الرواية إلى أن المراد بالتزويج في الرواية الأخرى أن يقع بمهر جديد سوى العتق ، لا كما وقع في قصة صفية كما سيأتي في الباب الذي بعده ، فأفادت هذه الطريق ثبوت الصداق ، فإنه لم يقع التصريح به في الطريق الأولى بل ظاهرها أن يكون العتق نفس المهر . وقد وصل طريق أبي بكر بن عياش هذه أبو داود الطيالسي في مسنده عنه فقال " حدثنا أبو بكر الخياط " فذكره بإسناده بلفظ " إذا أعتق الرجل أمته ثم أمهرها مهرا جديدا كان له أجران ، وكأن أبا بكر كان يتعانى الخياطة في وقت ، وهو أحد الحفاظ المشهورين في الحديث ، والقراء المذكورين في القراءة ، وأحد الرواة عن عاصم وله اختيار .

وقد احتج به البخاري ووصله من طريقه أيضا الحسن بن سفيان وأبو بكر البزار في مسنديهما عنه ، وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن ولفظه عنده " ثم تزوجها بمهر جديد " وكذا أخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده عن أبي بكر بهذا اللفظ ، ولم يقع لابن حزم إلا من رواية الحماني فضعف هذه الزيادة به ولم يصب . وذكر أبو نعيم أن أبا بكر تفرد بها عن أبي حصين ، وذكر الإسماعيلي أن فيه اضطرابا على أبي بكر بن عياش ، كأنه عنى في سياق المتن لا في الإسناد ، وليس ذلك الاختلاف اضطرابا لأنه يرجع إلى معنى واحد وهو [ ص: 31 ] ذكر المهر ، واستدل به على أن عتق الأمة لا يكون نفس الصداق ، ولا دلالة فيه ، بل هو شرط لما يترتب عليه الأجران المذكوران ، وليس قيدا في الجواز .

( تنبيه ) :

وقع في رواية أبي زيد المروزي " عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى " والصواب ما عند الجماعة " عن أبيه أبي موسى " بحذف عن التي قبل أبي موسى .

التالي السابق


الخدمات العلمية