صفحة جزء
باب الصلاة إلى الأسطوانة وقال عمر المصلون أحق بالسواري من المتحدثين إليها ورأى عمر رجلا يصلي بين أسطوانتين فأدناه إلى سارية فقال صل إليها

480 حدثنا المكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف فقلت يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها
قوله : ( باب الصلاة إلى الأسطوانة ) أي السارية ، وهي بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم الطاء بوزن أفعوانة على المشهور ، وقيل بوزن فعلوانة ، والغالب أنها تكون من بناء ، بخلاف العمود فإنه من حجر واحد . قال ابن بطال : لما تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إلى الحربة ، كانت الصلاة إلى الأسطوانة أولى ; لأنها أشد سترة .

قلت : لكن أفاد ذكر ذلك التنصيص على وقوعه والنص أعلى من الفحوى .

قوله : ( وقال عمر ) هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة والحميدي من طريق همدان - وهو بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة وكان بريد عمر ، أي رسوله إلى أهل اليمن - عن عمر به . ووجه الأحقية أنهما مشتركان في الحاجة إلى السارية المتخذة إلى الاستناد والمصلى لجعلها سترة ، لكن المصلي في عبادة محققة فكان أحق .

قوله : ( ورأى ابن عمر ) كذا ثبت في رواية أبي ذر والأصيلي وغيرهما ، وعند بعض الرواة " ورأى عمر " بحذف ابن وهو أشبه بالصواب ، فقد رواه ابن أبي شيبة من طريق معاوية بن قرة بن إياس المزني عن أبيه وله صحبة قال " رآني عمر وأنا أصلي " فذكر مثله سواء لكن زاد " فأخذ بقفاي " . وعرف بذلك تسمية المبهم المذكور في التعليق . وأراد عمر بذلك أن تكون صلاته إلى سترة ، وأراد البخاري بإيراد أثر عمر هذا أن المراد بقول سلمة " يتحرى الصلاة عندها " أي إليها ، وكذا قول أنس " يبتدرون السواري " أي يصلون إليها .

قوله : ( حدثنا المكي ) هو ابن إبراهيم كما ثبت عند الأصيلي وغيره وهذا ثالث ثلاثيات البخاري . وقد ساوى فيه البخاري شيخه أحمد بن حنبل ، فإنه أخرجه في مسنده عن مكي بن إبراهيم .

[ ص: 688 ] قوله : ( التي عند المصحف ) هذا دال على أنه كان للمصحف موضع خاص به ، ووقع عند مسلم بلفظ " يصلي وراء الصندوق " وكأنه كان للمصحف صندوق يوضع فيه ، والأسطوانة المذكورة حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة ، وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين . قال : وروي عن عائشة أنها كانت تقول " لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام " وأنها أسرتها إلى ابن الزبير فكان يكثر الصلاة عندها . ثم وجدت ذلك في تاريخ المدينة لابن النجار وزاد " أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها " وذكره قبله محمد بن الحسن في أخبار المدينة .

قوله : ( يا أبا مسلم ) هي كنية سلمة ، و " يتحرى " أي يقصد .

التالي السابق


الخدمات العلمية