صفحة جزء
باب كيف يدعى للمتزوج

4860 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد هو ابن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة قال ما هذا قال إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب قال بارك الله لك أولم ولو بشاة
قوله ( باب كيف يدعى للمتزوج ) ذكر فيه قصة تزويج عبد الرحمن بن عوف مختصرة من طريق ثابت عن أنس وفيه " قال بارك الله لك " قال ابن بطال : إنما أراد بهذا الباب والله أعلم رد قول العامة عند العرس بالرفاء والبنين فكأنه أشار إلى تضعيفه ، ونحو ذلك كحديث معاذ بن جبل أنه شهد أملاك رجل من الأنصار فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكح الأنصاري وقال " على الألفة والخير والبركة والطير الميمون والسعة في الرزق " الحديث أخرجه الطبراني في " الكبير " بسند ضعيف ، وأخرجه في " الأوسط " بسند أضعف منه ، وأخرجه أبو عمرو البرقاني في كتاب معاشرة الأهلين من حديث أنس وزاد فيه " والرفاء والبنين " وفي سنده أبان العبدي وهو ضعيف .

وأقوى من ذلك ما أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفأ إنسانا قال : بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير " وقوله " رفأ " بفتح الراء وتشديد الفاء مهموز معناه دعا له في موضع قولهم بالرفاء والبنين ، وكانت كلمة تقولها أهل الجاهلية فورد النهي عنها كما روى بقي بن مخلد من طريق غالب عن الحسن عن رجل من بني تميم قال " كنا نقول في الجاهلية بالرفاء والبنين " فلما جاء الإسلام علمنا نبينا قال : قولوا بارك الله لكم وبارك فيكم وبارك عليكم " ، وأخرج النسائي والطبراني من طريق أخرى عن الحسن عن عقيل بن أبي [ ص: 130 ] طالب أنه " قدم البصرة فتزوج امرأة فقالوا له : بالرفاء والبنين ، فقال : لا تقولوا هكذا وقولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك لهم وبارك عليهم " ورجاله ثقات إلا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال ودل حديث أبي هريرة على أن اللفظ كان مشهورا عندهم غالبا حتى سمي كل دعاء للمتزوج ترفئة ، واختلف في علة النهي عن ذلك فقيل لأنه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكر لله ، وقيل لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر ، وأما الرفاء فمعناه الالتئام من رفأت الثوب ورفوته رفوا ورفاء وهو دعاء للزوج بالالتئام والائتلاف فلا كراهة فيه ، وقال ابن المنير : الذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم كره اللفظ لما فيه من موافقة الجاهلية لأنهم كانوا يقولونه تفاؤلا لا دعاء ، فيظهر أنه لو قيل للمتزوج بصورة الدعاء لم يكره كأن يقول : اللهم ألف بينهما وارزقهما بنين صالحين مثلا ، أو ألف الله بينكما ورزقكما ولدا ذكرا ونحو ذلك .

وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عمر بن قيس الماضي قال " شهدت شريحا وأتاه رجل من أهل الشام فقال : إني تزوجت امرأة ، فقال بالرفاء والبنين " الحديث ، وأخرجه عبد الرزاق من طريق عدي بن أرطاة قال " حدثت شريحا أني تزوجت امرأة فقال : بالرفاء والبنين " فهو محمول على أن شريحا لم يبلغه النهي عن ذلك ، ودل صنيع المؤلف على أن الدعاء للمتزوج بالبركة هو المشروع ، ولا شك أنها لفظة جامعة يدخل فيها كل مقصود من ولد وغيره ، ويؤيد ذلك ما تقدم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له تزوجت بكرا أو ثيبا " قال له بارك الله لك " والأحاديث في ذلك معروفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية