صفحة جزء
باب استعارة الثياب للعروس وغيرها

4869 حدثني عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة
[ ص: 135 ] قوله ( باب الهدية للعروس ) أي صبيحة بنائه بأهله .

قوله ( وقال إبراهيم ) ابن طهمان ( عن أبي عثمان واسمه الجعد عن أنس بن مالك قال : مر بنا في مسجد بني رفاعة ) يعني بالبصرة قال ( فسمعته يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بجنبات أم سليم ) كذا فيه ، والجنبات بفتح الجيم والنون ثم موحدة جمع جنبة وهي الناحية .

قوله ( دخل عليها فسلم عليها ) هذا القدر من هذا الحديث مما تفرد به إبراهيم بن طهمان عن أبي عثمان في هذا الحديث ، وشاركه في بقيته جعفر بن سليمان ومعمر بن راشد كلاهما عن أبي عثمان أخرجه مسلم من حديثهما ، ولم يقع لي موصولا من حديث إبراهيم بن طهمان إلا أن بعض من لقيناه من الشراح زعم أن النسائي أخرجه عن أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد عن أبيه عنه ، ولم أقف على ذلك بعد .

قوله ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عروسا بزينب ) يعني بنت جحش ، وقد تقدم بيان آيته صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام واضحا في علامات النبوة ، وقد استشكل عياض ما وقع في هذا الحديث من أن الوليمة بزينب بنت جحش كانت من الحيس الذي أهدته أم سليم ، وأن المشهور من الروايات أنه أولم عليها بالخبز واللحم ، ولم يقع في القصة تكثير ذلك الطعام وإنما فيه " أشبع المسلمين خبزا ولحما " وذكر في حديث الباب أن أنسا قال " فقال لي ادع رجالا سماهم وادع من لقيت ، وأنه أدخلهم ووضع صلى الله عليه وسلم يده على تلك الحيسة وتكلم بما شاء الله ، ثم جعل يدعو عشرة عشرة حتى تصدعوا كلهم عنها " يعني تفرقوا ، قال عياض : هذا وهم من راويه وتركيب قصة على أخرى . وتعقبه القرطبي بأنه لا مانع من الجمع بين الروايتين ، والأولى أن يقال لا وهم في ذلك ، فلعل الذين دعوا إلى الخبز واللحم فأكلوا حتى شبعوا وذهبوا لم يرجعوا ، ولما بقي النفر الذين كانوا يتحدثون جاء أنس بالحيسة فأمر بأن يدعو ناسا آخرين ومن لقي فدخلوا فأكلوا أيضا حتى شبعوا ، واستمر أولئك النفر يتحدثون . وهو جمع لا بأس به ، وأولى منه أن يقال إن حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم فأكلوا كلهم من كل ذلك . وعجبت من إنكار عياض وقوع تكثير الطعام في قصة الخبز واللحم مع أن أنسا يقول إنه أولم عليها بشاة كما سيأتي قريبا ويقول إنه أشبع المسلمين خبزا ولحما . وما الذي يكون قدر الشاة حتى يشبع المسلمين جميعا وهم يومئذ نحو الألف لولا البركة التي حصلت من جملة آياته صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام . وقوله فيه " وبقي نفر يتحدثون " تقدم بيان عدتهم في تفسير سورة الأحزاب . وقوله " وجعلت أغتم " هو من الغم ، وسببه ما فهمه من النبي صلى الله عليه وسلم من حيائه من أن يأمرهم بالقيام ومن غفلتهم بالتحدث عن العمل عما يليق من التخفيف حينئذ ، وقوله في آخره " قال أبو عثمان قال أنس : إنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين " تقدم بيانه قبل قليل ، وسيأتي الإلمام به أيضا في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى

[ ص: 136 ] قوله ( باب استعارة الثياب للعروس وغيرها ) أي وغير الثياب ، ذكر فيه حديث عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة ، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب التيمم ، ووجه الاستدلال به من جهة المعنى الجامع بين القلادة وغيرها من أنواع الملبوس الذي يتزين به للزوج أعم من أن يكون عند العرس أو بعده ، وقد تقدم في كتاب الهبة لعائشة حديث أخص من هذا وهو قولها " كان لي منهن - أي من الدروع القطنية - درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما كانت امرأة تقين بالمدينة - أي تتزين - إلا أرسلت إلي تستعيره " وترجم عليه " الاستعارة للعرس عند البناء " وينبغي استحضار هذه الترجمة وحديثها هنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية