صفحة جزء
4966 حدثني الحسن بن محمد بن صباح حدثنا حجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول سمعت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت له ذلك فقال لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى إن تتوبا إلى الله لعائشة وحفصة وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه لقوله بل شربت عسلا
قوله ( حدثنا حجاج ) هو ابن محمد المصيصي .

[ ص: 290 ] قوله ( زعم عطاء ) هو ابن أبي رباح ، وأهل الحجاز يطلقون الزعم على مطلق القول . ووقع في رواية هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عطاء وقد مضى في التفسير .

قوله ( إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا ) في رواية هشام " يشرب عسلا عند زينب ثم يمكث عندها " ولا مغايرة بينهما لأن الواو لا ترتب .

قوله ( فتواصيت ) كذا هـنا بالصاد من المواصاة ، وفي رواية هشام " فتواطيت " بالطاء من المواطأة ، وأصله تواطأت بالهمزة فسهلت الهمزة فصارت ياء ، وثبت كذلك في روايةأبي ذر .

قوله ( أن أيتنا دخل ) في رواية أحمد عن حجاج بن محمد " أن أيتنا ما دخل " بزيادة ما وهي زائدة .

قوله ( إني لأجد ريح مغافير ، أكلت مغافير ) في رواية هشام بتقديم أكلت مغافير وتأخير إني أجد . وأكلت استفهام محذوف الأداة ، والمغافير بالغين المعجمة والفاء وبإثبات التحتانية بعد الفاء في جميع نسخ البخاري ، ووقع في بعض النسخ عن مسلم في بعض المواضع من الحديث بحذفها ، قال عياض والصواب إثباتها لأنها عوض من الواو التي في المفرد وإنما حذفت في ضرورة الشعر اهـ ، ومراده أن المغافير جمع مغفور بضم أوله ويقال بثاء مثلثة بدل الفاء حكاه أبو حنيفة الدينوري في النبات ، قال ابن قتيبة : ليس في الكلام مفعول بضم أوله إلا مغفور ومغزول بالغين المعجمة من أسماء الكمأة ومنخور بالخاء المعجمة من أسماء الأنف ومغلوق بالغين المعجمة واحد المغاليق ، قال : والمغفور صمغ حلو له رائحة كريهة ، وذكر البخاري أن المغفور شبيه بالصمغ يكون في الرمث بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة وهو من الشجر التي ترعاها الإبل وهو من الحمض ، وفي الصمغ المذكور حلاوة ، يقال أغفر الرمث إذا ظهر ذلك فيه . وذكر أبو زيد الأنصاري أن المغفور يكون أيضا في العشر بضم المهملة وفتح المعجمة ، وفي الثمام والسلم والطلح .

واختلف في ميم مغفور فقيل زائدة وهو قول الفراء وعند الجمهور أنها من أصل الكلمة ، ويقال له أيضا مغفار بكسر أوله ومغفر بضم أوله وبفتحه وبكسره عن الكسائي والفاء مفتوحة في الجميع ، وقال عياض : زعم المهلب أن رائحة المغافير والعرفط حسنة وهو خلاف ما يقتضيه الحديث وخلاف ما قاله أهل اللغة اهـ ، ولعل المهلب قال " خبيثة " بمعجمة ثم موحدة ثم تحتانية ثم مثلثة فتصحفت أو استند إلى ما نقل عن الخليل وقد نسبه ابن بطال إلى العين أن العرفط شجر العضاه والعضاه كل شجر له شوك وإذا استيك به كانت له رائحة حسنة تشبه رائحة طيب النبيذ اهـ ، وعلى هذا فيكون ريح عيدان العرفط طيبا وريح الصمغ الذي يسيل منه غير طيبة ولا منافاة في ذلك ولا تصحيف ، وقد حكى القرطبي في " المفهم " أن رائحة ورق العرفط طيبة فإذا رعته الإبل خبثت رائحته ، وهذا طريق آخر في الجمع حسن جدا .

قوله ( فدخل على إحداهما ) لم أقف على تعيينها ، وأظنها حفصة .

قوله ( فقال لا بأس شربت عسلا ) كذا وقع هنا في رواية أبي ذر عن شيوخه ، ووقع للباقين " لا بل شربت عسلا " وكذا وقع في كتاب الأيمان والنذور للجميع حيث ساقه المصنف من هذا الوجه إسنادا ومتنا ، كذا أخرجه أحمد عن حجاج ومسلم وأصحاب السنن والمستخرجات من طريق حجاج ، فظهر أن لفظة " بأس " هنا مغيرة من لفظه " بل " وفي رواية هشام " فقال لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش " .

قوله ( ولن أعود له ) زاد في رواية هشام " وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا " وبهذه الزيادة تظهر مناسبة [ ص: 291 ] قوله في رواية حجاج بن محمد فنزلت ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك قال عياض حذفت هذه الزيادة من رواية حجاج بن محمد فصار النظم مشكلا ، فزال الإشكال برواية هشام بن يوسف . واستدل القرطبي وغيره بقوله " حلفت " على أن الكفارة التي أشير إليها في قوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم هي عن اليمين التي أشار إليها بقوله " حلفت " فتكون الكفارة لأجل اليمين لا لمجرد التحريم ، وهو استدلال قوي لمن يقول إن التحريم لغو لا كفارة فيه بمجرده ، وحمل بعضهم قوله " حلفت " على التحريم ولا يخفى بعده ، والله أعلم

قوله إن تتوبا إلى الله أي تلا من أول السورة إلى هذا الموضع " فقال لعائشة وحفصة " أي الخطاب لهما ، ووقع في رواية غير أبي ذر " فنزلت ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى قوله إن تتوبا إلى الله وهذا أوضح من رواية أبي ذر .

قوله ( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا لقوله بل شربت عسلا ) هذا القدر بقية الحديث ، كنت أظنه من ترجمة البخاري على ظاهر ما سأذكره عن رواية النسفي حتى وجدته مذكورا في آخر الحديث عند مسلم وكأن المعنى : وأما المراد بقوله تعالى وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فهو لأجل قوله " بل شربت عسلا " ، والنكتة فيه أن هذه الآية داخلة في الآيات الماضية لأنها قبل قوله إن تتوبا إلى الله واتفقت الروايات عن البخاري على هذا إلا النسفي فوقع عنده بعد قوله " فنزلت : ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ما صورته : قوله تعالى إن تتوبا إلى الله لعائشة وحفصة وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا لقوله " بل شربت عسلا " فجعل بقية الحديث ترجمة للحديث الذي يليه ، والصواب ما وقع عند الجماعة لموافقة مسلم وغيره على أن ذلك من بقية حديث ابن عمير .

التالي السابق


الخدمات العلمية