صفحة جزء
باب صداق الملاعنة

5005 حدثني عمرو بن زرارة أخبرنا إسماعيل عن أيوب عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عمر رجل قذف امرأته فقال فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان وقال الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب فأبيا وقال الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب فأبيا فقال الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب فأبيا ففرق بينهما قال أيوب فقال لي عمرو بن دينار إن في الحديث شيئا لا أراك تحدثه قال قال الرجل مالي قال قيل لا مال لك إن كنت صادقا فقد دخلت بها وإن كنت كاذبا فهو أبعد منك
قوله ( باب صداق الملاعنة ) أي بيان الحكم فيه ، وقد انعقد الإجماع على أن المدخول بها تستحق جميعه ، واختلف في غير المدخول بها : فالجمهور على أن لها النصف كغيرها من المطلقات قبل الدخول ، وقيل بل لها جميعه قاله أبو الزناد والحكم وحماد ، وقيل لا شيء لها أصلا قاله الزهري وروي عن مالك .

قوله ( أخبرنا إسماعيل ) هو المعروف بابن علية .

قوله ( قلت لابن عمر : رجل قذف امرأته ) أي ما الحكم فيه ؟ وقد أورده مسلم من وجه آخر عن سعيد بن جبير فزاد في أوله " قال لم يفرق المصعب - يعني ابن الزبير - بين المتلاعنين ، أي حيث كان أميرا على العراق ، قال سعد فذكرت ذلك لابن عمر . ومن وجه آخر عن سعيد " سئلت عن المتلاعنين في امرأة مصعب بن الزبير فما دريت ما أقول ، فمضيت إلى منزل ابن عمر بمكة " الحديث وفيه " فقلت يا أبا عبد الرحمن ، المتلاعنان أيفرق بينهما ؟ قال : سبحان الله ، نعم ، إن أول من سأل عن ذلك فلان ابن فلان ، وعرف من قوله بمكة أن في الرواية التي قبلها حذفا تقديره فسافرت إلى مكة فذكرت ذلك لابن عمر ، ووقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير قال " كنا بالكوفة نختلف في الملاعنة ، يقول بعضنا يفرق بينهما ويقول بعضنا لا يفرق " ويؤخذ منه أن الخلاف في ذلك كان قديما ، وقد استمر عثمان البتي من فقهاء البصرة على أن اللعان لا يقتضي الفرقة كما تقدم نقله عنه . وكأنه لم يبلغه حديث ابن عمر .

قوله ( فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان ) سيأتي البحث فيه بعد باب ، وتقدمت تسميتهما في حديث سهل بن سعد ، ووقع في رواية أبي أحمد الجرجاني " بين أحد بني العجلان " بحاء ودال مهملتين وهو تصحيف .

قوله ( وقال : الله يعلم إن أحدكما لكاذب ) كذا للمستملي وسقطت اللام لغيره .

[ ص: 367 ] قوله ( فهل منكما تائب ؟ فأبيا ) ظاهره أن ذلك كان قبل صدور اللعان بينهما ، وسيأتي أيضا .

قوله ( قال أيوب ) هو موصول بالسند المبدأ به .

قوله ( فقال لي عمرو بن دينار أن في الحديث شيئا لا أراك تحدثه ، قال : قال الرجل : مالي ، قال : قيل لا مال لك إلى آخره ) حاصله أن عمرو بن دينار وأيوب سمعا الحديث جميعا من سعيد بن جبير فحفظ فيه عمرو ما لم يحفظه أيوب ، وقد بين ذلك سفيان بن عيينة حيث رواه عنهما جميعا في الباب الذي بعد هذا ، فوقع في روايته عن عمرو بسنده قال النبي صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين : حسابكما على الله ، أحدكما كاذب ، لا سبيل لك عليها . قال : مالي؟ قال لا مال لك " أما معنى قوله " لا سبيل لك " أي لا تسليط ، وأما قوله " مالي " فإنه فاعل فعل محذوف ، كأنه لما سمع لا سبيل لك عليها قال : أيذهب مالي ؟ والمراد به الصداق . قال ابن العربي : قوله " مالي " أي الصداق الذي دفعته إليها ، فأجيب بأنك استوفيته بدخولك عليها ، وتمكينها لك من نفسها . ثم أوضح له ذلك بتقسيم مستوعب فقال : إن كنت صادقا فيما ادعيته عليها فقد استوفيت حقك منها قبل ذلك ، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك من مطالبتها لئلا تجمع عليها الظلم في عرضها ومطالبتها بمال قبضته منك قبضا صحيحا تستحقه . وعرف من هذه الرواية اسم القائل " لا مال لك " حيث أبهم في حديث الباب بلفظ " قيل لا مال لك " مع أن النسائي رواه عن زياد بن أيوب عن ابن علية بلفظ " قال لا مال لك " وقوله " فقد دخلت بها " فسره في رواية سفيان بلفظ " فهو بما استحللت من فرجها " وقوله " فهو أبعد منك " كذا عند النسائي أيضا ، ووقع عند الإسماعيلي من رواية عثمان بن أبي شيبة عن ابن علية " فهو أبعد لك " وسيأتي قبل كتاب النفقات سواء من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ " فذلك أبعد وأبعد لك منها " وكرر لفظ " أبعد " تأكيدا ، قوله " ذلك " الإشارة إلى الكذب ، لأنه مع الصدق يبعد عليه استحقاق إعادة المال ففي الكذب أبعد ، ويستفاد من قوله " فهو بما استحللت من فرجها " أن الملاعنة لو أكذبت نفسها بعد اللعان وأقرت بالزنا وجب عليها الحد ، لكن لا يسقط مهرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية