صفحة جزء
622 وحدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن الصباح وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسمعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد فلما دخلنا عليه قال أصليتم العصر فقلنا له إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال فصلوا العصر فقمنا فصلينا فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا
قوله : ( عن العلاء أنه دخل على أنس بن مالك - رضي الله عنه - في داره حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد ، فلما دخلنا عليه قال : أصليتم العصر ؟ فقلنا له : إنما انصرفنا الساعة من الظهر ، [ ص: 265 ] قال : فصلوا العصر ؛ فقمنا فصلينا العصر ، فلما انصرفنا قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ) ، وفي رواية : ( عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ، ثم دخلنا على أنس فوجدناه يصلي العصر فقلت ، يا عم ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال العصر ، وهذه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كنا نصلي معه ) هذان الحديثان صريحان في التبكير بصلاة العصر في أول وقتها وأن وقتها يدخل بمصير ظل الشيء مثله ، ولهذا كان الآخرون يؤخرون الظهر إلى ذلك الوقت ، وإنما أخرها عمر بن عبد العزيز على عادة الأمراء قبله قبل أن تبلغه السنة في تقديمها ، فلما بلغته صار إلى التقديم ، ويحتمل أنه أخرها لشغل وعذر عرض له ، وظاهر الحديث يقتضي التأويل الأول ، وهذا كان حين ولي عمر بن عبد العزيز المدينة نيابة لا في خلافته ؛ لأن أنسا - رضي الله عنه - توفي قبل خلافة عمر بن عبد العزيز بنحو تسع سنين .

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تلك صلاة المنافق ) فيه : تصريح بذم تأخير صلاة العصر بلا عذر لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يجلس يرقب الشمس ) .

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( بين قرني الشيطان ) اختلفوا فيه فقيل : هو على حقيقته وظاهر لفظه ، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها ، وكذا عند طلوعها ؛ لأن الكفار يسجدون لها حينئذ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له ، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له . وقيل : هو على المجاز ، والمراد بقرنه وقرنيه : علوه وارتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبته وأعوانه . قال الخطابي : هو تمثيل ، ومعناه أن تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه . والصحيح الأول .

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ) تصريح بذم من صلى مسرعا بحيث لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار ، والمراد بالنقر : سرعة الحركات كنقر الطائر .

التالي السابق


الخدمات العلمية