وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( كنت أنسيتها ) دليل على جواز النسيان عليه - صلى الله عليه وسلم - فيما قد بلغه إلى الأمة ، وقد تقدم في باب سجود السهو الكلام فيما يجوز من السهو عليه - صلى الله عليه وسلم - وما لا يجوز . قال القاضي عياض - رحمه الله : جمهور المحققين جواز النسيان عليه - صلى الله عليه وسلم - ابتداء فيما ليس طريقه البلاغ ، واختلفوا فيما طريقه البلاغ والتعليم ، ولكن من جوز قال : لا يقر عليه بل لا بد أن يتذكره أو يذكره ، واختلفوا هل من شروط ذلك الفور أم يصح التراخي قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : وأما نسيان ما بلغه في هذا الحديث فيجوز .
قال : وقد سبق بيان سهوه في الصلاة . قال : وقال بعض الصوفية ومتابعيهم : لا يجوز السهو عليه أصلا في شيء ، وإنما يقع منه صورته ليس إلا ، وهذا تناقض مردود ، ولم يقل بهذا أحد ممن يقتدى به إلا الأستاذ أبو الظفر الإسفراييني من شيوخنا ، فإنه مال إليه ورجحه ، وهو ضعيف متناقض .