صفحة جزء
باب التحية والإمام يخطب

875 وحدثنا أبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا حماد وهو ابن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصليت يا فلان قال لا قال قم فاركع حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ويعقوب الدورقي عن ابن علية عن أيوب عن عمرو عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال حماد ولم يذكر الركعتين
باب التحية والإمام يخطب

قوله : ( بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : أصليت يا فلان؟ قال : لا . قال : قم فاركع ) وفي رواية ( قم فصل الركعتين ) ، وفي رواية " ( صل ركعتين ) وفي رواية ( أركعت ركعتين؟ قال : لا قال : اركع ) وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب فقال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام ليصل ركعتين وفي رواية قال : ( جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس فقال : يا سليك قم واركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) هذه الأحاديث كلها صريحة في الدلالة لمذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وفقهاء المحدثين أنه إذا دخل الجامع يوم الجمعة والإمام يخطب استحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد ، ويكره الجلوس قبل أن يصليهما ، وأنه يستحب أن يتجوز فيهما ليسمع بعدهما الخطبة ، وحكي هذا المذهب أيضا عن الحسن البصري وغيره من المتقدمين . قال القاضي : وقال مالك والليث وأبو حنيفة والثوري وجمهور السلف من الصحابة والتابعين : لا يصليهما ، وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - وحجتهم الأمر بالإنصات للإمام ، وتأولوا هذه الأحاديث أنه كان عريانا فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقيام ليراه الناس ويتصدقوا عليه ، وهذا تأويل باطل يرده صريح قوله - صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل ، ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ صحيحا فيخالفه . وفي هذه الأحاديث أيضا جواز الكلام في الخطبة لحاجة ، وفيها : جوازه للخطيب وغيره . وفيها الأمر بالمعروف والإرشاد إلى المصالح في كل حال وموطن . وفيها أن تحية المسجد ركعتان وأن نوافل النهار ركعتان وأن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس في حق جاهل حكمها وقد أطلق أصحابنا فواتها [ ص: 472 ] بالجلوس ، وهو محمول على العالم بأنها سنة ، أما الجاهل فيتداركها على قرب لهذا الحديث . والمستنبط من هذه الأحاديث أن تحية المسجد لا تترك في أوقات النهي عن الصلاة وأنها ذات سبب تباح في كل وقت ، ويلحق بها كل ذوات الأسباب كقضاء الفائتة ونحوها لأنها لو سقطت في حال لكان هذا الحال أولى بها فإنه مأمور باستماع الخطبة . فلما ترك لها استماع الخطبة وقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - لها الخطبة وأمره بها بعد أن قعد وكان هذا الجالس جاهلا حكمها دل على تأكدها وأنها لا تترك بحال ولا في وقت من الأوقات . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية