صفحة جزء
1211 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن غندر قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن علي بن الحسين عن ذكوان مولى عائشة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس فدخل علي وهو غضبان فقلت من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار قال أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون قال الحكم كأنهم يترددون أحسب ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه ثم أحل كما حلوا وحدثناه عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم سمع علي بن الحسين عن ذكوان عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم النبي صلى الله عليه وسلم لأربع أو خمس مضين من ذي الحجة بمثل حديث غندر ولم يذكر الشك من الحكم في قوله يترددون
وقولها : ( فدخل علي وهو غضبان فقلت : من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار قال : أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون ) أما غضبه صلى الله عليه وسلم فلانتهاك حرمة الشرع ، وترددهم في قبول [ ص: 317 ] حكمه ، وقد قال الله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فغضب صلى الله عليه وسلم لما ذكرناه من انتهاك حرمة الشرع والحزن عليهم في نقص إيمانهم بتوقفهم . وفيه دلالة لاستحباب الغضب عند انتهاك حرمة الدين ، وفيه جواز الدعاء على المخالف لحكم الشرع . والله أعلم .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون قال الحكم : كأنهم يترددون أحسب ) قال القاضي : كذا وقع هذا اللفظ وهو صحيح وإن كان فيه إشكال قال : وزاد إشكاله تغيير فيه وهو قوله : ( قال الحكم : كأنهم يترددون ) وكذا رواه ابن أبي شيبة عن الحكم ، ومعناه أن الحكم شك في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع ضبطه لمعناه ، فشك هل قال : يترددون أو نحوه من الكلام ؟ ولهذا قال بعده : أحسب أي أظن أن هذا لفظه ، ويؤيده قول مسلم بعده في حديث غندر ولم يذكر الشك من الحكم في قوله : ( يترددون ) والله أعلم .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ) هذا دليل على جواز قول ( لو ) في التأسف على فوات أمور الدين ومصالح الشرع ، وأما الحديث الصحيح في أن " لو تفتح عمل الشيطان " فمحمول على التأسف على حظوظ الدنيا ونحوها ، وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في استعمال ( لو ) في غير حظوظ الدنيا ونحوها ، فيجمع بين الأحاديث بما ذكرناه . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية