صفحة جزء
باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة وفي الطواف الأول من الحج

1261 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة وكان ابن عمر يفعل ذلك
[ ص: 389 ] قوله : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا ) قوله : ( خب ) هو الرمل بفتح الراء والميم ، فالرمل والخبب بمعنى واحد ، وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى ، ولا يثب وثبا ، والرمل مستحب في الطوفات الثلاث الأول من السبع ، ولا يسن ذلك إلا في طواف العمرة ، وفي طواف واحد في الحج ، واختلفوا في ذلك الطواف ، وهما قولان للشافعي أصحهما : أنه إنما يشرع في طواف يعقبه سعي ، ويتصور ذلك في طواف القدوم ، ويتصور في طواف الإفاضة ، ولا يتصور في طواف الوداع ؛ لأن شرط طواف الوداع أن يكون قد طاف للإفاضة ، فعلى هذا القول إذا طاف للقدوم وفي نيته أنه يسعى بعده استحب الرمل فيه ، وإن لم يكن هذا في نيته لم يرمل فيه ، بل يرمل في طواف الإفاضة .

والقول الثاني : أنه يرمل في طواف القدوم سواء أراد السعي بعده أم لا ، والله أعلم .

قال أصحابنا : فلو أخل بالرمل في الثلاث الأول من السبع لم يأت به من الأربع الأواخر ؛ لأن السنة في الأربع الأخيرة المشي على العادة فلا يغيره ، ولو لم يمكنه الرمل للزحمة أشار في هيئة مشيه إلى صفة الرمل ، ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة للزحمة وأمكنه إذا تباعد عنها فالأولى أن يتباعد ويرمل ؛ لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها ، والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها ، فكان تقديم ما تعلق بنفسها أولى ، والله أعلم .

واتفق العلماء على أن الرمل لا يشرع للنساء كما لا يشرع لهن شدة السعي بين الصفا والمروة ، ولو ترك الرجل الرمل حيث شرع له فهو تارك سنة ولا شيء عليه . هذا مذهبنا ، واختلف أصحاب مالك فقال بعضهم : عليه دم ، وقال بعضهم : لا دم عليه ، كمذهبنا .

قوله : ( وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة ) هذا مجمع على استحبابه ، وهو أنه إذا سعى بين الصفا والمروة استحب أن يكون سعيه شديدا في بطن المسيل ، وهو قدر معروف ، وهو من قبل وصوله إلى الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد إلى أن يحاذي الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين بفناء المسجد ودار العباس ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية