صفحة جزء
باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف

1270 وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس وعمرو ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن سالم أن أباه حدثه قال قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال أم والله لقد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك زاد هارون في روايته قال عمرو وحدثني بمثلها زيد بن أسلم عن أبيه أسلم
قوله : ( قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال : أم والله لقد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) . وفي الرواية الأخرى : وإني لأعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع .

هذا الحديث فيه فوائد منها : استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف بعد استلامه ، وكذا يستحب السجود على الحجر أيضا بأن يضع جبهته عليه ، فيستحب أن يستلمه ثم يقبله ، ثم يضع جبهته عليه .

هذا مذهبنا ومذهب الجمهور ، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاوس والشافعي وأحمد ، قال : وبه أقول ، قال : وقد روينا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وانفرد مالك عن العلماء فقال : السجود عليه بدعة ، واعترف القاضي عياض المالكي بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء ، وأما الركن اليماني فيستلمه ولا يقبله ، بل يقبل اليد بعد استلامه ، هذا مذهبنا ، وبه قال جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة ، وقال أبو حنيفة : لا يستلمه ، وقال مالك وأحمد : يستلمه ولا يقبل اليد بعده ، وعن مالك رواية أنه [ ص: 397 ] يقبله ، وعن أحمد رواية أنه يقبله ، والله أعلم .

وأما قول عمر - رضي الله عنه - : ( لقد علمت أنك حجر وإني لأعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ) فأراد به بيان الحث على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في تقبيله ، ونبه على أنه لولا الاقتداء به لما فعله ، وإنما قال : وإنك لا تضر ولا تنفع ؛ لئلا يغتر بعض قريبي العهد بالإسلام الذين كانوا ألفوا عبادة الأحجار وتعظيمها ورجاء نفعها ، وخوف الضرر بالتقصير في تعظيمها ، وكان العهد قريبا بذلك ، فخاف عمر - رضي الله عنه - أن يراه بعضهم يقبله ، ويعتني به ، فيشتبه عليه فبين أنه لا يضر ولا ينفع بذاته ، وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع بالجزاء والثواب فمعناه أنه لا قدرة له على نفع ولا ضر ، وأنه حجر مخلوق كباقي المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع وأشاع عمر هذا في الموسم ؛ ليشهد في البلدان ، ويحفظه عنه أهل الموسم المختلفو الأوطان . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية