صفحة جزء
باب في المدينة حين يتركها أهلها

1389 حدثني زهير بن حرب حدثنا أبو صفوان عن يونس بن يزيد ح وحدثني حرملة بن يحيى واللفظ له أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي يعني السباع والطير قال مسلم أبو صفوان هذا هو عبد الله بن عبد الملك يتيم ابن جريج عشر سنين كان في حجره
قوله صلى الله عليه وسلم للمدينة : ( ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي ) يعني السباع والطير ، وفي الرواية الثانية : يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير ، ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما ) . أما ( العوافي ) : فقد فسرها في الحديث بالسباع والطير ، وهو صحيح في اللغة ، مأخوذ من عفوته إذا أتيته تطلب معروفه .

وأما معنى الحديث فالظاهر المختار : أن هذا الترك للمدينة يكون في آخر الزمان ، عند قيام الساعة ، وتوضحه قصة الراعيين من مزينة فإنهما يخران على وجوههما حين تدركهما الساعة ، وهما آخر من يحشر كما ثبت في صحيح البخاري ، فهذا هو الظاهر المختار ، وقال القاضي عياض : هذا ما جرى في العصر الأول وانقضى ، قال : وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت حين انتقلت الخلافة عنها إلى الشام والعراق ، وذلك الوقت أحسن ما كانت الدين والدنيا ، أما الدين فلكثرة العلماء وكمالهم ، وأما الدنيا فلعمارتها وغرسها واتساع حال أهلها ، قال : وذكر الأخباريون في بعض الفتن التي جرت بالمدينة ، وخاف أهلها أنه رحل عنها أكثر الناس وبقيت ثمارها أو أكثرها للعوافي ، [ ص: 512 ] وخلت مدة ثم تراجع الناس إليها قال : وحالها اليوم قريب من هذا ، وقد خربت أطرافها ، هذا كلام القاضي . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية