صفحة جزء
باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي

1456 حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار قالوا حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أبي الخليل أن أبا علقمة الهاشمي حدث أن أبا سعيد الخدري حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية بمعنى حديث يزيد بن زريع غير أنه قال إلا ما ملكت أيمانكم منهن فحلال لكم ولم يذكر إذا انقضت عدتهن وحدثنيه يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد يعني ابن الحارث حدثنا شعبة عن قتادة بهذا الإسناد نحوه
[ ص: 28 ] وقوله : ( حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن عروبة عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري ) وفي الطريق الثاني ( عن عبد الأعلى عن سعيد عن [ ص: 29 ] قتادة عن أبي الخليل عن أبي علقمة عن أبي سعيد الخدري ) وفي الطريق الآخر ( عن شعبة عن قتادة عن أبي الخليل عن أبي سعيد الخدري ) من غير ذكر أبي علقمة ، هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ، وكذا ذكره أبو علي الغساني عن رواية الجلودي وابن ماهان قال : وكذلك ذكره أبو مسعود الدمشقي قال : ووقع في نسخة ابن الحذاء بإثبات ( أبي علقمة ) بين أبي الخليل وأبي سعيد ، قال الغساني : ولا أدري ما صوابه . قال القاضي عياض : قال غير الغساني : بإثبات أبي علقمة هو الصواب . قلت : ويحتمل أن إثباته وحذفه كلاهما صواب ويكون أبو الخليل سمع بالوجهين فرواه تارة كذا وتارة كذا وقد سبق في أول الكتاب بيان أمثال هذا .

قوله : ( بعث جيشا إلى أوطاس ) أوطاس موضع عند الطائف يصرف ولا يصرف سبق بيانه قريبا .

قوله : ( فأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهم من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله تعالى في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن

معنى ( تحرجوا ) خافوا الحرج وهو الإثم من غشيانهن أي من وطئهن من أجل أنهن زوجات والمزوجة لا تحل لغير زوجها ، فأنزل الله تعالى إباحتهن بقوله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم والمراد بالمحصنات هنا المزوجات ، ومعناه والمزوجات حرام على غير أزواجهن إلا ما ملكتم بالسبي ، فإنه ينفسخ نكاح زوجها الكافر وتحل لكم إذا انقضى استبراؤها والمراد بقوله : إذا انقضت عدتهن [ ص: 30 ] أي استبراؤهن ، وهي بوضع الحمل عن الحامل ، وبحيضة من الحائل كما جاءت به الأحاديث الصحيحة .

واعلم أن مذهب الشافعي ومن قال بقوله من العلماء أن المسبية من عبدة الأوثان وغيرهم من الكفار الذين لا كتاب لهم لا يحل وطؤها بملك اليمين حتى تسلم فما دامت على دينها فهي محرمة ، وهؤلاء المسبيات كن من مشركي العرب عبدة الأوثان ، فيئول هذا الحديث وشبهه على أنهن أسلمن ، وهذا التأويل لا بد منه ، والله أعلم .

واختلف العلماء في الأمة إذا بيعت وهي مزوجة مسلما هل ينفسخ النكاح وتحل لمشتريها أم لا؟ فقال ابن عباس ينفسخ لعموم قوله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم وقال سائر العلماء : لا ينفسخ وخصوا الآية بالمملوكة بالسبي . قال المازري : هذا الخلاف مبني على أن العموم إذا خرج على سبب هل يقصر على سببه أم لا ؟ فمن قال : لا يقصر بل يحمل على عمومه قال : ينفسخ نكاح المملوكة بالشراء . لكن ثبت في حديث شراء عائشة ( بريرة ) أن النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة في زوجها فدل على أنه لا ينفسخ بالشراء لكن هذا تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد وفي جوازه خلاف ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية