صفحة جزء
باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل

1484 وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وتقاربا في اللفظ قال حرملة حدثنا وقال أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو في بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي قال ابن شهاب فلا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر
فيه حديث ( سبيعة ) بضم السين المهملة وفتح الباء الموحدة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بليال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن عدتها انقضت وأنها حلت للزواج ، فأخذ بهذا جماهير العلماء من السلف والخلف فقالوا : عدة المتوفى عنها بوضع الحمل ، حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله انقضت عدتها وحلت في الحال للأزواج . هذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة إلا رواية عن علي وابن عباس وسحنون المالكي أن عدتها بأقصى الأجلين وهي أربعة أشهر وعشرا ووضع الحمل ، وإلا ما روي عن الشعبي والحسن وإبراهيم النخعي وحماد أنها لا يصح زواجها حتى تطهر من نفاسها ، وحجة الجمهور حديث سبيعة المذكور وهو مخصص لعموم قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ومبين أن قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن عام في المطلقة والمتوفى عنها وأنه على عمومه . قال الجمهور وقد تعارض عموم هاتين الآيتين ، وإذا تعارض العمومان وجب الرجوع إلى مرجح لتخصيص أحدهما . وقد وجد هنا حديث سبيعة المخصص لأربعة أشهر وعشرا وأنها محمولة على غير الحامل وأما الدليل على الشعبي وموافقيه فهو ما رواه مسلم في الباب أنها قالت : ( فأفتاني النبي صلى الله عليه وسلم بأني قد حللت حين وضعت حملي ) وهذا تصريح بانقضاء العدة بنفس الوضع . فإن احتجوا بقوله : [ ص: 86 ] فلما تعلت من نفاسها أي طهرت منه ، فالجواب أن هذا إخبار عن وقت سؤالها ولا حجة فيه وإنما الحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنها حلت حين وضعت ولم يعلل بالطهر من النفاس ، قال العلماء من أصحابنا وغيرهم : سواء كان حملها ولدا أو أكثر كامل الخلقة أو ناقصها أو علقة أو مضغة ، فتنقضي العدة بوضعه إذا كان فيه صورة خلق آدمي سواء كانت صورة خفية تختص النساء بمعرفتها أم جلية يعرفها كل أحد . ودليله إطلاق سبيعة من غير سؤال عن صفة حملها .

قوله : ( كانت تحت سعد بن خولة وهو في بني عامر بن لؤي ) هكذا هو في النسخ ( في بني عامر ) بالفاء وهو صحيح ومعناه ونسبه في بني عامر أي هو منهم .

قوله : ( فلم تنشب ) أي لم تمكث .

قوله : ( أبو السنابل بن بعكك ) السنابل بفتح السين وبعكك بموحدة مفتوحة ثم عين ساكنة ثم كافين الأولى مفتوحة واسم أبي السنابل عمرو وقيل حبة بالباء الموحدة وقيل بالنون حكاهما ابن ماكولا وهو أبو السنابل بن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق بن عبد الدار كذا نسبه ابن الكلبي وابن عبد البر وقيل في نسبه غير هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية