صفحة جزء
1722 وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قال ابن حجر أخبرنا وقال الآخران حدثنا إسمعيل وهو ابن جعفر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها ثم استنفق بها فإن جاء ربها فأدها إليه فقال يا رسول الله فضالة الغنم قال خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب قال يا رسول الله فضالة الإبل قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه أو احمر وجهه ثم قال ما لك ولها معها حذاؤها وسقاؤها حتى يلقاها ربها وحدثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني سفيان الثوري ومالك بن أنس وعمرو بن الحارث وغيرهم أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثهم بهذا الإسناد مثل حديث مالك غير أنه زاد قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه فسأله عن اللقطة قال وقال عمرو في الحديث فإذا لم يأت لها طالب فاستنفقها وحدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي حدثنا خالد بن مخلد حدثني سليمان وهو ابن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث قال سمعت زيد بن خالد الجهني يقول أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث إسمعيل بن جعفر غير أنه قال فاحمار وجهه وجبينه وغضب وزاد بعد قوله ثم عرفها سنة فإن لم يجئ صاحبها كانت وديعة عندك
قوله صلى الله عليه وسلم : ( عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها ثم استنفق بها ) هذا ربما أوهم أن معرفة الوكاء والعفاص تتأخر على تعريفها سنة ، وباقي الروايات صريحة في تقديم المعرفة على التعريف فيجاب عن هذه الرواية أن هذه معرفة أخرى ، ويكون مأمورا بمعرفتين ، [ ص: 388 ] فيتعرفها أول ما يلتقطها حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها ، ولئلا تختلط وتشتبه ، فإذا عرفها سنة وأراد تملكها استحب له أن يتعرفها أيضا مرة أخرى تعرفا وافيا محققا ، ليعلم قدرها وصفتها فيردها إلى صاحبها إذا جاء بعد تملكها وتلفها ، ومعنى استنفق بها : تملكها ثم أنفقها على نفسك .

قوله : ( فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه أو احمر وجهه ثم قال : ما لك ولها ؟ ) ( الوجنة ) بفتح الواو وضمها وكسرها وفيها لغة رابعة ( أجنة ) بضم الهمزة ، وهي : اللحم المرتفع من الخدين ، ويقال : رجل موجن وواجن ، أي : عظيم الوجنة ، وجمعها : وجنات ، ويجيء فيها اللغات المعروفة في جمع قصعة وحجرة وكسرة .

وفيه جواز الفتوى والحكم في حال الغضب ، وأنه نافذ ، لكن يكره ذلك في حقنا ، ولا يكره في حق النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه لا يخاف عليه في الغضب ما يخاف علينا . والله أعلم .

قوله صلى الله عليه وسلم : ثم عرفها سنة فإن لم يجئ صاحبها كانت وديعة عندك وفي الرواية الثانية : ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه معناه : تكون أمانة عندك بعد السنة ، ما لم تتملكها ، فإن تلفت بغير تفريط فلا ضمان عليك ، وليس معناه منعه من تملكها ، بل له تملكها على ما ذكرناه للأحاديث الباقية الصريحة ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم استنفق . بها فاستنفقها ) وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذا في الرواية الثانية بقوله : ( فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك ) أي : لا ينقطع حق صاحبها ، بل متى جاءها فأدها إليه إن كانت باقية ، وإلا فبدلها ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه ) والمراد أنه لا ينقطع حق صاحبها بالكلية ، وقد نقل القاضي وغيره إجماع المسلمين على أنه إذا جاء صاحبها بعد التمليك ضمنها المتملك إلا داود فأسقط الضمان . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية