صفحة جزء
باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى

180 حدثنا نصر بن علي الجهضمي وأبو غسان المسمعي وإسحق بن إبراهيم جميعا عن عبد العزيز بن عبد الصمد واللفظ لأبي غسان قال حدثنا أبو عبد الصمد حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن
اعلم أن مذهب أهل السنة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلا ، وأجمعوا أيضا على وقوعها في الآخرة ، وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين . وزعمت طائفة من أهل [ ص: 392 ] البدع : المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة ، أن الله تعالى لا يراه أحد من خلقه ، وأن رؤيته مستحيلة عقلا ، وهذا الذي قالوه خطأ صريح وجهل قبيح ، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين ، ورواها نحو من عشرين صحابيا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وآيات القرآن فيها مشهورة واعتراضات المبتدعة عليها لها أجوبة مشهورة في كتب المتكلمين من أهل السنة ، وكذلك باقي شبههم وهي مستقصاة في كتب الكلام وليس بنا ضرورة إلى ذكرها هنا ، وأما رؤية الله تعالى في الدنيا فقد قدمنا أنها ممكنة ، ولكن الجمهور من السلف والخلف من المتكلمين وغيرهم أنها لا تقع في الدنيا ، وحكم الإمام أبو القاسم القشيري في رسالته المعروفة عن الإمام أبي بكر بن فورك أنه حكى فيها قولين للإمام أبي الحسن الأشعري : أحدهما : وقوعها ، والثاني لا تقع ، ثم مذهب أهل الحق أن الرؤية قوة يجعلها الله تعالى في خلقه ، ولا يشترط فيها اتصال الأشعة ولا مقابلة المرئي ولا غير ذلك ، لكن جرت العادة في رؤية بعضنا بعضا بوجود ذلك على جهة الاتفاق لا على سبيل الاشتراط ، وقد قرر أئمتنا المتكلمون ذلك بدلائله الجلية ولا يلزم من رؤية الله تعالى إثبات جهة - تعالى عن ذلك - بل يراه المؤمنون لا في جهة كما يعلمونه لا في جهة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية