صفحة جزء
باب غلظ تحريم الغلول

1831 وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسمعيل بن إبراهيم عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أبي حيان ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن أبي حيان وعمارة بن القعقاع جميعا عن أبي زرعة عن أبي هريرة بمثل حديث إسمعيل عن أبي حيان وحدثني أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد يعني ابن زيد عن أيوب عن يحيى بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلول فعظمه واقتص الحديث قال حماد ثم سمعت يحيى بعد ذلك يحدثه فحدثنا بنحو ما حدثنا عنه أيوب وحدثني أحمد بن الحسن بن خراش حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن يحيى بن سعيد بن حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديثهم
[ ص: 532 ] قوله : ( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلول فعظمه وعظم أمره ) هذا تصريح بغلظ تحريم الغلول . وأصل الغلول : الخيانة مطلقا ، ثم غلب اختصاصه في الاستعمال بالخيانة في الغنيمة ، قال نفطويه : سمي بذلك لأن الأيدي مغلولة عنه ، أي محبوسة ، يقال : غل غلولا وأغل إغلالا .

قوله صلى الله عليه وسلم : لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء هكذا ضبطناه ( ألفين ) بضم الهمزة وبالفاء المسكورة ، أي : لا أجدن أحدكم على هذه الصفة ، ومعناه : لا تعملوا عملا أجدكم بسببه على هذه الصفة ، قال القاضي ، ووقع في رواية العذري : ( لا ألقين ) بفتح الهمزة والقاف ، وله وجه كنحو ما سبق ، لكن المشهور الأول .

و ( الرغاء ) بالمد صوت البعير ، وكذا المذكورات بعد وصف كل شيء بصوته . والصامت : الذهب والفضة .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا أملك لك من الله شيئا ) قال القاضي : معناه من المغفرة والشفاعة إلا بإذن الله تعالى ، قال : ويكون ذلك أولا غضبا عليه لمخالفته ، ثم يشفع في جميع الموحدين بعد ذلك كما سبق في كتاب الإيمان في شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم ، واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على وجوب زكاة العروض والخيل ، ولا دلالة فيه لواحد منهما ; لأن هذا الحديث ورد في الغلول ، وأخذ الأموال غصبا ، فلا تعلق له بالزكاة . وأجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول ، وأنه من الكبائر ، وأجمعوا على أن عليه رد ما غله ، فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء ، قال الشافعي وطائفة : يجب تسليمه إلى الإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة ، وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن والزهري والأوزاعي [ ص: 533 ] ومالك والثوري والليث وأحمد والجمهور : يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي ، واختلفوا في صفة عقوبة الغال . فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار : يعزر على حسب ما يراه الإمام ، ولا يحرق متاعه ، وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وقال مكحول والحسن والأوزاعي : يحرق رحله ومتاعه كله ، قال الأوزاعي : إلا سلاحه وثيابه التي عليه ، وقال الحسن : إلا الحيوان والمصحف ، واحتجوا بحديث عبد الله بن عمر في تحريق رحله ، قال الجمهور : وهذا حديث ضعيف ; لأنه مما انفرد به صالح بن محمد عن سالم وهو ضعيف ، قال الطحاوي : ولو صح يحمل على أنه كان إذا كانت العقوبة بالأموال كأخذ شطر المال من مانع الزكاة وضالة الإبل وسارق التمر وكل ذلك منسوخ . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية