صفحة جزء
1929 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن فضيل عن بيان عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت إنا قوم نصيد بهذه الكلاب فقال إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن إلا أن يأكل الكلب فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن أكل فلا تأكل ) هذا الحديث من رواية عدي بن حاتم ، وهو صريح في منع أكل ما أكلت منه الجارحة ، وجاء في سنن أبي داود وغيره بإسناد حسن عن أبي ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " كل وإن أكل منه الكلب " . واختلف العلماء فيه فقال الشافعي في أصح قوليه : إذا قتلته الجارحة المعلمة من الكلاب والسباع وأكلت منه فهو حرام ، وبه قال أكثر العلماء منهم ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والشعبي والنخعي وعكرمة وقتادة وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور [ ص: 69 ] وابن المنذر وداود ، وقال سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وابن عمر ومالك : يحل ، وهو قول ضعيف للشافعي ، واحتج هؤلاء بحديث أبي ثعلبة ، وحملوا حديث عدي على كراهة التنزيه ، واحتج الأولون بحديث عدي ، وهو في الصحيحين مع قول الله عز وجل : فكلوا مما أمسكن عليكم وهذا مما لم يمسك علينا ، بل على نفسه ، وقدموا هذا على حديث أبي ثعلبة ؛ لأنه أصح ، ومنهم من تأول حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن قتله وخلاه وفارقه ، ثم عاد فأكل منه ، فهذا لا يضر ، والله أعلم .

وأما جوارح الطير إذا أكلت مما صادته فالأصح عند أصحابنا والراجح من قول الشافعي تحريمه ، وقال سائر العلماء بإباحته لأنه لا يمكن تعليمها ذلك ، بخلاف السباع ، وأصحابنا يمنعون هذا الدليل . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه ) ، معناه أن الله تعالى قال : فكلوا مما أمسكن عليكم فإنما إباحته بشرط أن نعلم أنه أمسك علينا ، وإذا أكل منه لم نعلم أنه أمسك لنا أم لنفسه ، فلم يوجد شرط إباحته ، والأصل تحريمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية