صفحة جزء
باب سن الأضحية

1963 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم ؛ فتذبحوا جذعة من الضأن ) قال العلماء : المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها ، وهذا تصريح بأنه لا يجوز [ ص: 102 ] الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال ، وهذا مجمع عليه على ما نقله القاضي عياض ، ونقل العبدري وغيره من أصحابنا عن الأوزاعي أنه قال : يجزي الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن ، وحكي هذا عن عطاء . وأما الجذع من الضأن فمذهبنا ومذهب العلماء كافة يجزي ، سواء وجد غيره أم لا ، وحكوا عن ابن عمر والزهري أنهما قالا : لا يجزي ، وقد يحتج لهما بظاهر هذا الحديث .

قال الجمهور : هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل ، وتقديره يستحب لكم ألا تذبحوا إلا مسنة فإن عجزتم فجذعة ضأن ، وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن ، وأنها لا تجزي بحال ، وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره ؛ لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه ، وابن عمر والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه ، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من الاستحباب . والله أعلم .

وأجمع العلماء على أنه لا تجزي الضحية بغير الإبل والبقر والغنم ، إلا ما حكاه ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه قال : تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة ، وبالظبي عن واحد ، وبه قال داود في بقرة الوحش . والله أعلم .

والجذع من الضأن : ما له سنة تامة ، هذا هو الأصح عند أصحابنا ، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم . وقيل : ما له ستة أشهر ، وقيل : سبعة ، وقيل : ثمانية ، وقيل : ابن عشرة ، حكاه القاضي ، وهو غريب ، وقيل : إن كان متولدا من بين شابين فستة أشهر ، وإن كان من هرمين فثمانية أشهر .

ومذهبنا ومذهب الجمهور : أن أفضل الأنواع البدنة ، ثم البقرة ، ثم الضأن ، ثم المعز ، وقال مالك : الغنم أفضل ؛ لأنها أطيب لحما ، حجة الجمهور أن البدنة تجزي عن سبعة ، وكذا البقرة ، وأما الشاة فلا تجزي إلا عن واحد بالاتفاق ، فدل على تفضيل البدنة والبقرة ، واختلف أصحاب مالك فيما بعد الغنم ، فقيل : الإبل أفضل من البقرة ، وقيل : البقرة أفضل من الإبل ، وهو الأشهر عندهم .

وأجمع العلماء على استحباب سمينها وطيبها ، واختلفوا في تسمينها ، فمذهبنا ومذهب الجمهور استحبابه ، وفي صحيح البخاري عن أبي أمامة كنا نسمن الأضحية ، وكان المسلمون يسمنون ، وحكى القاضي عياض عن بعض أصحاب مالك كراهة ذلك ، لئلا يتشبه باليهود ، وهذا قول باطل .

التالي السابق


الخدمات العلمية