صفحة جزء
باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا

2004 حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن يحيى بن عبيد أبي عمر البهراني قال سمعت ابن عباس يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر فإن بقي شيء سقاه الخادم أو أمر به فصب
فيه ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك ، والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر ، فإن بقي شيء سقاه الخادم ، أو أمر به فصب ) والأحاديث الباقية بمعناه .

في هذه الأحاديث دلالة على جواز الانتباذ ، وجواز شرب النبيذ ما دام حلوا لم يتغير ولم يغل ، وهذا جائز بإجماع الأمة ، وأما سقيه الخادم بعد الثلاث وصبه ، فلأنه لا يؤمن بعد الثلاث تغيره ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتنزه عنه بعد الثلاث .

وقوله : ( سقاه الخادم أو صبه ) معناه تارة : يسقيه الخادم ، وتارة يصبه ، وذلك الاختلاف لاختلاف حال النبيذ ، فإن كان لم يظهر فيه تغير ونحوه من مبادئ الإسكار سقاه الخادم ولا يريقه ؛ لأنه مال تحرم إضاعته ، ويترك شربه تنزها ، وإن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإسكار والتغير أراقه ؛ لأنه إذا أسكر صار حراما ونجسا ، فيراق ولا يسقيه الخادم ؛ لأن المسكر لا يجوز سقيه [ ص: 152 ] الخادم كما لا يجوز شربه ، وأما شربه صلى الله عليه وسلم قبل الثلاث فكان حيث لا تغير ، ولا مبادئ تغير ، ولا شك أصلا . والله أعلم .

وأما قوله في حديث عائشة : ( ينبذ غدوة فيشربه عشاء وينبذ عشاء فيشربه غدوة ) فليس مخالفا لحديث ابن عباس في الشرب إلى ثلاث ؛ لأن الشرب في يوم لا يمنع الزيادة ؛ وقال بعضهم : لعل حديث عائشة كان زمن الحر ، وحيث يخشى فساده في الزيادة على يوم ، وحديث ابن عباس في زمن يؤمن فيه التغير قبل الثلاث ، وقيل : حديث عائشة محمول على نبيذ قليل يفرغ في يومه ، وحديث [ ص: 153 ] ابن عباس في كثير لا يفرغ فيه . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية