صفحة جزء
باب كراهية الشرب قائما

2024 حدثنا هداب بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما
فيه حديث قتادة : ( عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما ) وفي رواية : ( نهى عن الشرب قائما قال قتادة : فالأكل ؟ قال : أشر أو أخبث ) وفي رواية : ( عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما ) وفي رواية عنهم : ( نهى عن الشرب قائما ) وفي رواية : ( عن عمر بن حمزة قال : أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقئ ) وعن ابن عباس : ( سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم ) وفي الرواية الأخرى : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم ) وفي صحيح البخاري " أن عليا - رضي الله عنه - شرب قائما وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت " . اعلم أن هذه الأحاديث أشكل معناها على بعض العلماء حتى قال فيها أقوالا باطلة ، وزاد حتى تجاسر ورام أن يضعف بعضها ، وادعى فيها دعاوي باطلة لا غرض لنا في ذكرها ، ولا وجه لإشاعة الأباطيل والغلطات في تفسير السنن ، بل نذكر الصواب ، ويشار إلى التحذير من الاغترار بما خالفه ، وليس في هذه الأحاديث بحمد الله تعالى إشكال ، ولا فيها ضعف ، بل كلها صحيحة ، والصواب فيها أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه . وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فبيان للجواز ، فلا إشكال ولا تعارض ، وهذا الذي ذكرناه يتعين المصير إليه ، وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط غلطا فاحشا ، وكيف يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع بين الأحاديث لو ثبت التاريخ وأنى له بذلك . والله أعلم .

فإن قيل : كيف يكون الشرب قائما مكروها وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فالجواب : أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانا للجواز لا يكون مكروها ، بل البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم ، فكيف يكون مكروها وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وطاف على بعير مع أن الإجماع على أن الوضوء ثلاثا والطواف ماشيا أكمل ، ونظائر هذا غير منحصرة ، فكان صلى الله عليه وسلم ينبه على جواز الشيء مرة أو مرات ، ويواظب على الأفضل منه ، وهكذا كان أكثر وضوئه صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثلاثا ، وأكثر طوافه ماشيا ، وأكثر شربه جالسا ، وهذا واضح لا يتشكك فيه من له أدنى نسبة إلى علم . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية