صفحة جزء
باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار

2201 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا هشيم عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فقالوا لهم هل فيكم راق فإن سيد الحي لديغ أو مصاب فقال رجل منهم نعم فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل فأعطي قطيعا من غنم فأبى أن يقبلها وقال حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب فتبسم وقال وما أدراك أنها رقية ثم قال خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم حدثنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع كلاهما عن غندر محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر بهذا الإسناد وقال في الحديث فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل
[ ص: 356 ] فيه حديث ( أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وأن رجلا رقى سيد الحي ) هذا الراقي أبو سعيد الخدري الراوي ، كذا جاء مبينا في رواية أخرى في غير مسلم .

قوله : ( فأعطي قطيعا من غنم ) القطيع هو الطائفة من الغنم وسائر النعم . قال أهل اللغة : الغالب استعماله فيما بين العشر والأربعين ، وقيل : ما بين خمس عشرة إلى خمس وعشرين ، وجمعه أقطاع وأقطعة وقطعان وقطاع وأقاطيع كحديث وأحاديث ، والمراد بالقطيع المذكور في هذا الحديث ثلاثون شاة ، كذا جاء مبينا .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أدراك أنها رقية ؟ ) فيه التصريح بأنها رقية ، فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام والعاهات .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم ) هذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر ، وأنها حلال لا كراهة فيها ، وكذا الأجرة على تعليم القرآن ، وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وآخرين من السلف ومن بعدهم ، ومنعها أبو حنيفة في تعليم القرآن ، وأجازها في الرقية .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( واضربوا لي بسهم معكم ) وفي الرواية الأخرى ( أقسموا واضربوا لي بسهم [ ص: 357 ] معكم ) فهذه القسمة من باب المروءات والتبرعات ومواساة الأصحاب والرفاق ، وإلا فجميع الشياه ملك للراقي مختصة به ، لا حق للباقين فيها عند التنازع ، فقاسمهم تبرعا وجودا ومروءة .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم ( واضربوا لي بسهم ) فإنما قاله تطييبا لقلوبهم ، ومبالغة في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم في حديث العنبر ، وفي حديث أبي قتادة في حمار الوحش مثله .

قوله : ( ويجمع بزاقه ويتفل ) هو بضم الفاء وكسرها ، وسبق بيان مذاهب العلماء في التفل والنفث .

التالي السابق


الخدمات العلمية