صفحة جزء
2246 وحدثناه إسحق بن إبراهيم وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي عمر قال إسحق أخبرنا وقال ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار
أما قوله عز وجل : ( يؤذيني ابن آدم ) فمعناه يعاملني معاملة توجب الأذى في حقكم .

وأما قوله عز وجل : ( وأنا الدهر ) فإنه برفع الراء ، هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعي ، وأبو عبيد وجماهير [ ص: 406 ] المتقدمين والمتأخرين ، وقال أبو بكر ومحمد بن داود الأصبهاني الطاهري : إنما هو الدهر بالنصب على الظرف ، أي أنا مدة الدهر أقلب ليله ونهاره . وحكى ابن عبد البر هذه الرواية عن بعض أهل العلم . وقال النحاس : يجوز النصب أي فإن الله باق مقيم أبدا لا يزول . قال القاضي : قال بعضهم : هو منصوب على التخصيص . قال : والظرف أصح وأصوب . أما رواية الرفع ، وهي الصواب ، فموافقة لقوله " فإن الله هو الدهر .

قال العلماء : وهو مجاز ، وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك ، فيقولون : يا خيبة الدهر ، ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي لا تسبوا فاعل النوازل ، فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى ؛ لأنه هو فاعلها ومنزلها .

وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له ، بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى . ومعنى " فإن الله هو الدهر " أي فاعل النوازل والحوادث ، وخالق الكائنات . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية