صفحة جزء
339 وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق قال أنبأنا أبو هريرة قال كان موسى عليه السلام رجلا حييا قال فكان لا يرى متجردا قال فقال بنو إسرائيل إنه آدر قال فاغتسل عند مويه فوضع ثوبه على حجر فانطلق الحجر يسعى واتبعه بعصاه يضربه ثوبي حجر ثوبي حجر حتى وقف على ملإ من بني إسرائيل ونزلت يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها
قوله : ( فاغتسل عند مويه ) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ومعظم غيرها : ( مويه ) بضم الميم وفتح الواو وإسكان الياء ، وهو تصغير ماء ، وأصله ( موه ) ، والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها .

وقال القاضي : وقع في بعض الروايات ( مويه ) كما ذكرناه ، وفي معظمها ( مشربة ) بفتح الميم وإسكان الشين ، وهي حفرة في أصل النخلة يجمع الماء فيها لسقيها . قال القاضي : وأظن الأول تصحيفا كما سبق - والله أعلم .

وفي هذا الحديث فوائد : منها أن فيه معجزتين ظاهرتين لموسى صلى الله عليه وسلم إحداهما مشي الحجر بثوبه إلى ملأ بني إسرائيل ، والثانية حصول الندب في الحجر ، ومنها وجود التمييز في الجماد كالحجر ونحوه ، ومثله تسليم الحجر بمكة ، وحنين الجذع ، ونظائره ، وسبق قريبا بيان هذه المسألة مبسوطة . ومنها جواز الغسل عريانا [ ص: 512 ] في الخلوة ، وإن كان ستر العورة أفضل ، وبهذا قال الشافعي ومالك وجماهير العلماء ، وخالفهم ابن أبي ليلى : وقال : إن للماء ساكنا ، واحتج في ذلك بحديث ضعيف .

ومنها ما ابتلي به الأنبياء والصالحون من أذى السفهاء والجهال ، وصبرهم عليهم ، ومنها ما قاله القاضي وغيره أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم منزهون عن النقائص في الخلق والخلق ، سالمون من العاهات والمعايب .

قالوا : ولا التفات إلى ما قاله من لا تحقيق له من أهل التاريخ في إضافة بعض العاهات إلى بعضهم ، بل نزههم الله تعالى من كل عيب ، وكل شيء يبغض العيون ، أو ينفر القلوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية