صفحة جزء
2392 حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه والله يغفر له ضعف ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد ح وحدثنا عمرو الناقد والحلواني وعبد بن حميد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح بإسناد يونس نحو حديثه حدثنا الحلواني وعبد بن حميد قالا حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح قال قال الأعرج وغيره إن أبا هريرة قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت ابن أبي قحافة ينزع بنحو حديث الزهري
قوله صلى الله عليه وسلم : ( رأيتني على قليب عليها دلو ، فنزعت منها ما شاء الله ، ثم أخذها ابن أبي قحافة ، [ ص: 539 ] فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين ، وفي نزعه ، والله يغفر له ، ضعف ، ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب ، فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن )

أما القليب فهي البئر غير المطوية . والدلو يذكر ويؤنث . والذنوب بفتح الذال الدلو المملوءة ، والغرب بفتح الغين المعجمة وإسكان الراء ، والدلو العظيمة . والنزع الاستقاء . والضعف بضم الضاد وفتحها لغتان مشهورتان ، الضم أفصح . ومعنى ( استحالت ) صارت وتحولت من الصغر إلى الكبر . وأما ( العبقري ) فهو السيد ، وقيل : الذي ليس فوقه شيء . ومعنى ( ضرب الناس بعطن ) أي أرووا إبلهم ثم آووها إلى عطنها ، وهو الموضع الذي تساق إليه بعد السقي لتستريح .

قال العلماء : هذا المنام مثال واضح لما جرى لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما ، وحسن سيرتهما ، وظهور آثارهما ، وانتفاع الناس بهما ، وكل ذلك مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن بركته ، وآثار صحبته . فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو صاحب الأمر ، فقام به أكمل قيام ، وقرر قواعد الإسلام ، ومهد أموره ، وأوضح أصوله وفروعه ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، وأنزل الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم ثم توفي صلى الله عليه وسلم ، فخلفه أبو بكر رضي الله عنه سنتين وأشهرا ، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ذنوبا أو ذنوبين " ، وهذا شك من الراوي ، والمراد ذنوبان كما صرح به في الرواية الأخرى . وحصل في خلافته قتال أهل الردة وقطع دابرهم ، واتساع الإسلام . ثم توفي فخلفه عمر [ ص: 540 ] رضي الله عنه ، فاتسع الإسلام في زمنه ، وتقرر لهم من أحكامه ما لم يقع مثله . فعبر بالقليب عن أمر المسلمين لما فيها من الماء الذي به حياتهم وصلاحهم ، وشبه أميرهم بالمستقي لهم ، وسقيه هو قيامه بمصالحهم وتدبير أمورهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية