صفحة جزء
2584 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأحمد بن عبدة الضبي وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي شيبة قال ابن عبدة أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة قال سمع عمرو جابر بن عبد الله يقول كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال دعوى الجاهلية قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال دعوها فإنها منتنة فسمعها عبد الله بن أبي فقال قد فعلوها والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه
قوله صلى الله عليه وسلم : ( دعوها فإنها منتنة ) أي قبيحة كريهة مؤذية .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( دعه . لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الحلم ، وفيه ترك بعض الأمور المختارة ، والصبر على بعض المفاسد خوفا من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه ، وكان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ، ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين ، وتتم دعوة الإسلام ، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة ، ويرغب غيرهم في الإسلام ، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك ، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ، ولإظهارهم الإسلام ، وقد أمر بالحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر ، ولأنهم كانوا معدودين في أصحابه صلى الله عليه وسلم ، ويجاهدون معه إما حمية ، وإما لطلب دنيا ، أو عصبية لمن معه من عشائرهم . قال القاضي : واختلف العلماء هل بقي [ ص: 108 ] حكم الإغضاء عنهم ، وترك قتالهم ، أو نسخ ذلك عند ظهور الإسلام ، ونزول قوله تعالى : جاهد الكفار والمنافقين وأنها ناسخة لما قبلها : وقيل قول ثالث : أنه إنما كان العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم ، فإذا أظهروه قتلوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية