صفحة جزء
باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه

2702 حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وأبو الربيع العتكي جميعا عن حماد قال يحيى أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي بردة عن الأغر المزني وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) قال أهل اللغة : ( الغين ) بالغين المعجمة ، والغيم بمعنى ، والمراد هنا ما يتغشى القلب ، قال القاضي : قيل : المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه ، فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبا ، واستغفر منه ، قال : وقيل هو همه بسبب أمته ، وما اطلع عليه من أحوالها بعده ، فيستغفر لهم ، وقيل : سببه اشتغاله بالنظر في مصالح أمته وأمورهم ، ومحاربة العدو ومداراته ، وتأليف المؤلفة ، ونحو ذلك فيشتغل بذلك من عظيم مقامه ، فيراه ذنبا بالنسبة إلى عظيم منزلته ، وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات ، وأفضل الأعمال ، فهي نزول عن عالي درجته ، ورفيع مقامه من حضوره مع الله تعالى ، ومشاهدته ومراقبته وفراغه مما سواه ، فيستغفر لذلك ، وقيل : يحتمل أن هذا الغين هو السكينة التي تغشى قلبه [ ص: 191 ] ، لقوله تعالى : فأنزل السكينة عليهم ويكون استغفاره إظهارا للعبودية والافتقار ، وملازمة الخشوع ، وشكرا لما أولاه ، وقد قال المحاشي : خوف الأنبياء والملائكة خوف إعظام ، وإن كانوا آمنين عذاب الله تعالى ، وقيل : يحتمل أن هذا الغين حال خشية وإعظام يغشى القلب ، ويكون استغفاره شكرا ، كما سبق ، وقيل : هو شيء يعتري القلوب الصافية مما تتحدث به النفس فهوشها . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية