صفحة جزء
باب مثل المؤمن مثل النخلة

2811 حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر السعدي واللفظ ليحيى قالوا حدثنا إسمعيل يعنون ابن جعفر أخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال فقال هي النخلة قال فذكرت ذلك لعمر قال لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا
[ ص: 289 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ، فحدثوني ما هي ؟ فوقع الناس في شجر البوادي ، قال عبد الله بن عمر : ووقع في نفسي أنها النخلة ، فاستحييت ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ؟ فقال : هي النخلة ، قال : فذكرت ذلك لعمر فقال : لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا ) أما قوله : ( لأن تكون ) فهو بفتح اللام ، ووقع في بعض النسخ ( البوادي ) [ ص: 290 ] وفي بعضها ( البواد ) بحذف الياء ، وهي لغة .

وفي هذا الحديث فوائد : منها استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه ، ليختبر أفهامهم ، ويرغبهم في الفكر والاعتناء .

وفيه : ضرب الأمثال والأشباه .

وفيه : توقير الكبار كما فعل ابن عمر لكن إذا لم يعرف الكبار المسألة فينبغي للصغير الذي يعرفها أن يقولها .

وفيه : سرور الإنسان بنجابة ولده ، وحسن فهمه ، وقول عمر رضي الله عنه : ( لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي ) أراد بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو لابنه ، ويعلم حسن فهمه ونجابته .

وفيه فضل النخل .

قال العلماء : وشبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها ، ودوام ظلها ، وطيب ثمرها ، ووجوده على الدوام ، فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس ، وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة ، ومن خشبها وورقها وأغصانها ، فيستعمل جذوعا وحطبا وعصيا ومخاصر وحصرا وحبالا وأواني وغير ذلك ، ثم آخر شيء منها نواها ، وينتفع به علفا للإبل ، ثم جمال نباتها ، وحسن هيئة ثمرها ، فهي منافع كلها ، وخير وجمال ، كما أن المؤمن خير كله ، من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه ، ويواظب على صلاته وصيامه وقراءته وذكره والصدقة والصلة ، وسائر الطاعات ، وغير ذلك ، فهذا هو الصحيح في وجه التشبيه ، قيل : وجه الشبه أنه إذا قطع رأسها ماتت بخلاف باقي الشجر ، وقيل : لأنها لا تحمل حتى تلقح . والله أعلم .

قوله : ( فوقع الناس في شجر البوادي ) أي : ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي ، وكان كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي وذهلوا عن النخلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية