صفحة جزء
2924 حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وإسحق بن إبراهيم وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قال ابن نمير حدثنا وقال الآخران أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر بابن صياد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خبأت لك خبيئا فقال دخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله دعني فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن يكن الذي تخاف لن تستطيع قتله
قوله صلى الله عليه وسلم : ( خبأت لك خبيئا ) هكذا هو في معظم النسخ ، وهكذا نقله القاضي عن جمهور [ ص: 365 ] رواة مسلم : ( خبيئا ) بباء موحدة مكسورة ثم مثناة . وفي بعض النسخ ، ( خبأ ) بموحدة فقط ساكنة ، وكلاهما صحيح .

قوله : ( هو الدخ ) هو بضم الدال وتشديد الخاء ، وهي لغة في الدخان كما قدمناه . وحكى صاحب نهاية الغريب فيه فتح الدال وضمها ، والمشهور في كتب اللغة والحديث ضمها فقط ، والجمهور على أن المراد بالدخ هنا الدخان ، وأنها لغة فيه . وخالفهم الخطابي فقال : لا معنى للدخان هنا ; لأنه ليس ما يخبأ في كف أو كم كما قال ، بل الدخ بيت موجود بين النخيل والبساتين قال : إلا أن يكون معنى خبأت أضمرت لك اسم الدخان فيجوز ، والصحيح المشهور أنه صلى الله عليه وسلم أضمر له آية الدخان ، وهي قوله تعالى : فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين قال القاضي : قال الداودي : وقيل : كانت سورة الدخان مكتوبة في يده صلى الله عليه وسلم ، وقيل كتب الآية في يده . قال القاضي : وأصح الأقوال أنه لم يهتد من الآية التي أضمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهان إذا ألقى الشيطان إليهم بقدر ما يخطف قبل أن يدركه الشهاب ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " اخسأ فلن تعدو قدرك " أي القدر الذي يدرك الكهان من الاهتداء إلى بعض الشيء ، وما لا يبين من تحقيقه ، ولا يصل به إلى بيان وتحقيق أمور الغيب .

ومعنى ( اخسأ ) اقعد فلن تعدو قدرك . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية